المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٤٩
والشاة في حق المسلمين فإن كان شفيعها نصراني أخذها بمثل الخمر المشترى بها أو بقيمة الخنزير لان الخمر من ذوات الأمثال فيأخذها الشفيع بمثل ما يملك به المشترى صورة ومعنى وفي الخنزير يأخذها بقيمته ولو كان الشفيع مسلما أخذها بقيمة الخمر والخنزير لان المسلم عاجز عن تمليك الخمر قصدا فعليه قيمتها وهو معتبر بالاستهلاك فان خمر النصراني عند الاستهلاك مضمون على النصراني بالمثل وعلى المسلم بالقيمة فكذلك في حق الشفيع وطريق معرفة القيمة والرجوع فيها إلى من أسلم من أهل الذمة أو من تاب من فسقة المسلمين فان وقع الاختلاف في ذلك فالقول قول المشترى بمنزلة ما إذا اختلف الشفيع والمشترى في مقدار الثمن وإذا اشترى أرضا شراءا فاسدا فزرعها وغرس فيها الشجر فنقضها ذلك ثم جاء الشفيع والبائع فللشفيع أن يأخذها بقيمتها في قياس قول أبي حنيفة لان الغرس كالبناء فكما لا ينقض بناء المشترى لحق البائع عنده فكذلك لا تقلع أشجاره وإذا انقطع حق البائع في الاسترداد وجب للشفيع فيها الشفعة بقيمتها إلا أنه يطرح عنه من ذلك بقدر ما نقض الأرض من عمل المشترى لأنه في معنى المتلف لجزء منها وقد بينا أن لما يتلفه المشترى حصة من الثمن في حق الشفيع يطرح عنه بقدره كالبناء إذا أحرقه وعند أبي يوسف ومحمد يقلع الشجر كما يهدم البناء ويرد على البائع ولا شفعة فيها وكذلك ان اتخذها مسجدا ثم خاصمه البائع فيها فله القيمة في قياس قول أبي حنيفة لان تصرف المشتري بتسليط البائع فلا ينقض لحقه وعندهما يرد على البائع كما لو بنى فيها المشترى بناء آخر وذكر هلال في كتاب الوقف أن حق البائع في القيمة عندهم جميعا لان المسجد يتحرر عن حق العباد ويصير خالصا لله تعالى فهو نظير العتق في العبد الذي اشتراه شراءا فاسدا ثم هذا تصرف من المشتري في عين ما يملكه بالعقد الفاسد ولو تصرف فيه بنقل الملك إلى غيره لم ينقض تصرفه لحق البائع في الاسترداد فإذا تصرف فيه بابطال الملك أولى فان باع نصفها بيعا صحيحا يرد النصف الثاني على البائع اعتبارا للبعض بالكل ويأخذ الشفيع النصف الآخر بالثمن الآخر هكذا قال والصحيح أنه يتخير بين أن يأخذ النصف بنصف القيمة بحكم البيع الأول لما انقطع حق البائع في الاسترداد فيه وبين أن يأخذه بالبيع الثاني بالثمن المسمى اعتبارا للبعض بالكل وإذا أخذه بالثمن الآخر يصدق المشتري بفضل نصف الثمن على نصف القيمة فإنه إنما يغرم للبائع نصف القيمة فالفضل حصل له بكسب خبيث فيؤمر بالتصدق به والله أعلم
(١٤٩)
مفاتيح البحث: السجود (1)، البيع (1)، الهلال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»
الفهرست