المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٥٣
وجبت الشفعة للشفيع ثم الرد من المشترى يعمل في ابطال حقه لا في ابطال حق الشفيع كما لو تفاسخا البيع ولكن الشفيع يأخذها بثلثي الألفين لأنها ما كانت تسلم للمشتري الا بهذا القدر من الثمن فكذلك الشفيع وان باعها بألفين إلى أجل وقيمتها ثلاثة آلاف فالاجل باطل لان المحاباة بالقدر استغرقت ثلث المال فلا يمكن تنفيذ الوصية بالأجل في شئ ولكن يتخير المشترى بين أن يفسخ البيع أو يؤدى الألفين حالة ليصل إلى الورثة كمال حقهم وأي ذلك فعل فللشفيع أن يأخذها بالشفعة لأنه قائم مقام المشتري في حكم هذا البيع كما في الفصل الأول وهذا أظهر من ذلك فالاجل في الثمن لا يثبت في حق الشفيع وقد بينا أن خيار المشترى لا يمنع وجوب الشفعة للشفيع وان باعها بثلاثة آلاف إلى سنة وقيمتها ألفان قيل للمشتري إن شئت فعجل ألفين وإن شئت فدع في قول أبى يوسف وهو قياس قول أبي حنيفة وقال محمد ان شاء عجل ثلثي قيمتها ويكون الباقي عليه إلى أجل وان شاء تركه وقد تقدم بيان نظير هذه المسألة في كتاب العتاق وذكرنا أن من أصل محمد أن تأجيل المريض صحيح مطلقا فيما له أن لا يتملكه أصلا كما في الصداق وبدل الصلح عن القصاص وعند أبي يوسف جميع المسمى مملوك بإزاء مال تعلق به حق الورثة فلا يصح تأجيله فيه إلا بقدر الثلث لان التأجيل بمنزلة الاسقاط من حيث أن الحيلولة تقع بين الورثة وبين المال في الحال بسبب الاجل ولهذا لو رجع شهود التأجيل ضمنوا كما تضمن شهود الابراء فعلى ذلك الأصل تنبنى هذه المسألة وقد قررنا هذا الكلام فيما أمليناه من شرح الجامع في هذه المسألة بعينها وأما الشفيع فالاجل لا يثبت في حقه ولكنه بالخيار ان شاء عجل المال كله وأخذ الدار كله وان شاء كف حتى يحل المال وقد بينا هذا في الصحيح ببيع داره بثمن مؤجل أن الاجل لا يثبت في حق الشفيع فهو مثله في حق المريض وإذا باع المريض دارا أو حابى فيها ثم برأ من مرضه والشفيع وارثه فإن لم يكن علم بالبيع حتى الآن فله أن يأخذها بالشفعة لان المرض إذا تعقبه برأ فهو بمنزلة حال الصحة وإن كان قد علم بالبيع وقد بطلت الشفعة حتى برأ من مرضه فلا شفعة له لان السبب الموجب للشفعة له البيع وقد سكت عن الطلب بعد ما علم بالسبب فتبطل شفعته به وإن لم يكن متمكنا من الاخذ عند ذلك كالجار إذا سكت عن الطلب بعد علمه بالبيع لمكان الشريك ثم سلم الشريك لم يكن له أن يأخذ بالشفعة فهذا مثله والله أعلم بالصواب
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست