المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٥٢
المريض دارا بألفي درهم وقيمتها ألف درهم وله سوى ذلك ألف درهم ثم مات فالبيع جائز وللشفيع فيها الشفعة لأنه إنما حاباه بقدر الثلث وذلك صحيح منه في حق الأجنبي فيجب للشفيع فيها الشفعة ولو كان باع دارا بقيمتها أو أكثر ووارثه شفيعها فلا شفعة له في قول أبي حنيفة لان بيعه من الوارث لا يجوز عند أبي حنيفة وكذلك بيعه من الأجنبي لا يكون مثبتا حق الاخذ بالشفعة للوارث وعند أبي يوسف ومحمد للوارث أن يأخذها بالشفعة لأنه لو باعها منه بذلك الثمن جاز البيع فكذلك إذا باعها من أجنبي آخر والوارث شفيعها لان الشفيع يتقدم على المشترى في تملكها بالسبب الذي باشره المشترى إذا أخذها بالشفعة وان باعها بألفين وقيمتها ثلاثة آلاف درهم وشفيعها أجنبي فله أن يأخذها بألفين لان المحاباة بقدر الثلث وذلك صحيح منه في حق الأجنبي فان قيل كيف يأخذها الشفيع بألفين والوصية كانت منه للمشتري دون الشفيع ومن أوصى لإنسان بشئ من ماله لا يجوز تنفيذ الوصية لغير من أوصى له به قلنا هو كذلك في وصية مقصودة فالوصية هنا لم تكن مقصودة وإنما كانت في ضمن البيع ألا ترى أنها لا تبقى بعد ما بطل البيع وفي حق البيع الشفيع صار مقدما على المشترى شرعا فكذلك فيما هو من متضمنات البيع ولما أوجب البيع له بما سمى من الثمن مع علمه أن الشفيع يتمكن من الاخذ بمثل ما اشترى به المشترى فكأنه أوجب الوصية بالمحاباة للمشترى ان سلم الشفيع له وللشفيع أن يأخذها بالشفعة وإن كان للدار شفيعان أحدهما وارث فلا شفعة للوارث لأنه لو لم يكن لها شفيع سواه لم يستحقها بالشفعة في هذا البيع فإذا كان معه شفيع آخر أولي أن لا يستحقها وإذا انعدمت مزاحمته كان للأجنبي أن يأخذ الكل بالشفعة بمنزلة ما لو سلم أحد الشفيعين شفعته وان باعها بألف درهم وهي تساوى ألفين وليس له مال غيرها قيل للمشترى إن شئت فخذها بثلثي الألفين وإن شئت فدع لأنه حاباه بنصف ماله ولا يمكن تنفيذ المحاباة الا في مقدار الثلث والمشتري يتمكن من إزالة المانع بان يلتزم إلى تمام ثلثي الألفين إلا أنه يتخير في ذلك لأنه يلزمه زيادة في الثمن لم يرض بالتزامها فإن شاء فسخ البيع لأجله ولا شئ له لان الوصية كانت في ضمن البيع وقد بطل البيع وان شاء التزم ذلك فيسلم له الوصية بقدر الثلث كما لو كان اشتراها في الابتداء بثلثي الألفين وأي ذلك فعل كان للشفيع فيها الشفعة اما عند إمضاء البيع فلا اشكال وأما عند الرد فلان البيع كان صحيحا موجبا للشفعة حتى إذا ظهر للميت مال آخر فالبيع سالم للمشتري وباعتبار صحة البيع
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»
الفهرست