المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٥١
يتحقق هنا فلهذا يمتنع بيعه منه بمثل قيمته وبأكثر بخلاف الأجنبي فإنه غير ممنوع من التصرف مع الأجنبي فيما يرجع إلى العين وإنما يمنع من ابطال حق الورثة عن ثلثي ماله وليس في البيع بمثل القيمة من الأجنبي ابطال حق الورثة عن شئ من ماله والدليل على الفرق ان اقرار المريض للأجنبي بالدين أو بالعين واقراره باستيفاء الدين منه صحيح في حق الورثة وشئ من ذلك لا يصح مع الوارث ويجعل وصية منه فكذلك البيع بمثل القيمة وهذا بخلاف بيعه من الأجنبي إذا كان عليه دين مستغرق لان المنع لحق الغرماء وحقهم في ديونهم لا في عين مال المريض ألا ترى أن للوارث أن يستخلص العين لنفسه بقضاء الدين من مال آخر فإذا لم يكن في البيع بمثل القيمة ابطال حقهم عن شئ مما تعلق به حقهم كان صحيحا بخلاف ما نحن فيه والدليل على الفرق أنه لو كان باع عينا في صحته من أجنبي ثم أقر باستيفاء الثمن منه في مرضه صح اقراره في حق الغرماء وبمثله لو باعه من دار به لم يصح اقراره باستيفاء الثمن منه في مرضه في حق سائر الورثة والفرق ما ذكرنا إذا عرفنا هذا فنقول عند أبي حنيفة لا شفعة للشفيع لان البيع فاسد وعند أبي يوسف ومحمد لما صح البيع كان للشفيع أن يأخذها بالشفعة ولو كان باعها من ابنه بألفي درهم وقيمتها ثلاثة آلاف فلا اشكال عند أبي حنيفة أن البيع فاسد ولا شفعة للشفيع وعندهما للشفيع أن يأخذها بثلاثة آلاف درهم ان شاء في رواية كتاب الشفعة لان الشفيع قائم مقام المشتري وقد كان للابن أن يزيل المحاباة ويأخذها بثلاثة آلاف ان شاء فكذلك للشفيع أن يأخذها بذلك وذكر في موضع آخر أن الشفيع لا يأخذها بالشفعة هنا لان عندهما بيع المريض من وارثه إنما يجوز باعتبار أنه لا وصية في تصرفه وفي البيع بالمحاباة وصية ألا ترى أنه لو حصل مع أجنبي آخر كان معتبرا من الثلث ولا وصية لوارث فكان البيع فاسدا ولا شفعة في البيع الفاسد وبان كان المشتري يتمكن من إزالة المفسد فذلك لا يوجب الشفعة للشفيع كما لو اشتراها بشرط أجل فاسد أو خيار فاسد وقد روي عن أبي يوسف أن للشفيع أن يأخذها بالقيمة لأنه يتقدم على المشتري شرعا فيجعل كأن البيع من المريض كان منه بهذا الثمن والأصح ما ذهب إليه أبو حنيفة فان نفس البيع وصية ألا ترى أنه لو أوصى بان تباع داره من فلان بمثل قيمتها يجب تنفيذ الوصية بعد موته إذا طلب الموصي له وان الموصي له بالبيع يزاحم سائر أصحاب الوصايا فإذا ثبت ان نفس البيع وصية وقد نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوصية للوارث قلنا لا يجوز منه البيع أصلا وإذا اشترى
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست