المبسوط - السرخسي - ج ١٤ - الصفحة ١٤٥
الشافعي والحاصل عندنا أن الشفعة تختص بمقابلة مال بمال مطلقا لان الشفيع لا يتمكن من الاخذ إلا بمثل السبب الذي يملك به الجار الحادث وأخذه لا يكون الا مبادلة مال بمال مطلقا وعلى هذا الأصل لا شفعة في المجعول بدلا في الخلع والصلح في القصاص في نفس أو عضو لان الشفيع لا يتمكن من الاخذ بمثل ذلك السبب ولا يمكن اقامته مقام المتملك في حكم ذلك السبب فهو نظير الموهوب لا يستحق بالشفعة وكذلك لو استأجر إبلا بدار لان الأجرة غير مملوكة بإزاء مال مطلقا لان الشفعة ليست بمال في الحقيقة وإنما يجعل لها حكم المالية في جواز العقد عليها للحاجة ثم قد بينا في كتاب النكاح ما إذا تزوج امرأة على دار على أن ردت عليها ألفا وذكرنا ان عند أبي يوسف ومحمد تجب الشفعة في حصة الألف بمنزلة ما لو أفرد كل واحد من العقدين وعند أبي حنيفة لا تجب الشفعة في شئ لان البيع هنا بيع للنكاح (وإذا تعذر ايجاب) الشفعة فيما هو الأصل لا يوجب فيما هو بيع ولو تزوج امرأة بغير مهر ثم فرض لها داره مهرا أو صالحها على أن يجعلها مهرا لها أو أعطاها إياها مهرا لم يكن فيها شفعة لان هذا منه تعيين لمهر المثل ومهر المثل مملوك لها بمقابلة ما ليس بمال فلا يستحق بالشفعة ولان أكثر ما فيه أن يجعل المفروض بعد العقد كالمسمى في العقد وهذا بخلاف ما لو باعها بمهر مثلها دارا لان البيع اسم خاص لمبادلة مال بمال ففي لفظ البيع دليل على أنه ملكها الدار عوضا عن مهر المثل وكذلك ان صالحها من مهرها على الدار أو مما وجب لها من المهر على الدار فللشفيع فيها الشفعة لان في لفظهما ما يدل على أنهما لم يقصدا تعيين مهر المثل بالدار فإنه ملكها ذلك عوضا عن المهر الذي استوجب عليه والذي استوجب عليه من المهر مال فكان مبادلة مال بمال وكذلك لو تزوجها على مهر مسمى فباعها به هذه الدار أخذها الشفيع بالشفعة وكذلك لو فرض القاضي لها مهرا ثم اشترى به الدار أخذها الشفيع بالشفعة بخلاف ما لو أعطاها الدار مهرا فان هناك لو طلقها قبل الدخول وجب عليها أن ترد الدار وتطالبه بالمتعة وهنا لو طلقها قبل الدخول لم يلزمها رد شئ من الدار على الزوج وإنما يلزمها من الدار ما فرض القاضي مهرا لها يحسب من ذلك مقدار المتعة ويعطيه الفضل على ذلك وفي المسمى في العقد يعطيه نصف المسمى وإذا صالح من دم عمد على دار على أن يرد عليه صاحب الدم ألف درهم فلا شفعة في الدار في قول أبي حنيفة لان الأصل فيه الصلح وما يقابل من دم العمد بالدار لا يستحق بالشفعة فكذلك ما يتبعه وعند أبي يوسف ومحمد يأخذ منها جزءا من احدى عشر جزء بألف درهم لان الدار
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست