المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٨٣
الرجوع أو أقوى منه ولكن عليه الضمان لان رجوعه في حق الضمان باطل فكذلك انكاره (قال) وإذا أقر العبد بسرقة مال فهو على وجهين اما أن يكون مأذونا له أو محجورا عليه وكل وجه على وجهين اما أن يكون المال مستهلكا أو قائما بعينه في يده فإن كان العبد مأذونا أقر بسرقة مال مستهلك فعليه القطع في قول علمائنا الثلاثة وقال زفر رحمه الله تعالى لا قطع عليه ولكن يضمن المال وإن كان المال قائما بعينه في يده تقطع يده ويرد المال على المسروق منه عندنا وقال زفر رحمه الله تعالى يرد المال ولا يقطع يده لان اقراره في حق المال يلاقى حقه فإنه يلاقى كسبه أو ذمته وهو منفك الحجر عنه في ذلك فأما في حق القطع يلاقى نفسه والفك بحكم الاذن لم يتناوله ألا ترى أنه لو أقر برقبته لإنسان كان اقراره باطلا فكذلك اقراره بما يوجب استحقاق نفسه أو جزء منه يكون باطلا وجه قول علمائنا رحمهم الله تعالى ان وجوب الحد باعتبار أنه آدمي مخاطب لا باعتبار أنه مال مملوك والعبد في هذا كالحر فاقراره فيما يرجع إلى استحقاق الحر كاقرار الحر فلهذا لا يملك المولى الاقرار عليه بذلك وما لا يملك المولى على عبده فالعبد فيه ينزل منزلة الحر كالطلاق يوضحه أنه لا تهمة في اقراره لان ما يلحقه من الضرر باستيفاء العقوبة منه فوق ما يلحق المولى والاقرار حجة عند انتفاء التهمة عنه (قال) فإن كان العبد محجورا عليه فأقر بسرقة مستهلك قطعت يده الأعلى قول زفر رحمه الله تعالى لان فيما كان العبد مبقى على أصل الحرية المأذون والمحجور عليه فيه سواء وان أقر بسرقة مال قائم بعينه في يده فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى تقطع يده ويرد المال إلى المسروق منه وعلى قول أبى يوسف رحمه الله تعالى تقطع يده والمال للمولى وعند محمد وزفر رحمهما الله تعالى لا تقطع يده والمال للمولى اما محمد رحمه الله تعالى يقول اقرار المحجور عليه بالمال باطل لان كسبه ملك مولاه وما في يده كأنه في يد المولى ألا ترى أنه لو أقر فيه بالغصب لا يصح فكذلك بالسرقة وإذا لم يصح اقراره في حق المال بقي المال على ملك مولاه ولا يمكن أن يقطع في هذا المال لأنه ملك لمولاه ولا في مال آخر لأنه لم يقر بالسرقة فيه والمال أصل ألا ترى أن المسروق منه لو قال أبغي المال تسمع خصومته ولو قال أبغي القطع ولا أبغي المال لا تسمع خصومته وكذلك قد يثبت المال ولا يثبت القطع ولا يتصور أن يثبت القطع قبل أن يثبت المال فإذا لم يصح اقراره فيما هو الأصل لم يصح فيما ينبني عليه أيضا وأبو يوسف رحمه الله تعالى يقول أقر بشيئين بالقطع والمال للمسروق منه
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 ... » »»
الفهرست