رضي الله عنه ليس الرجل على نفسه بأمين ان جوعت أو خوفت أو أوثقت وقال شريح رحمه الله تعالى القيد كره والسجن كرة والوعيد والضرب كره وهذا لان الاقرار إنما يكون حجة لترجيح جانب الصدق فيه فلما امتنع من الاقرار حتى هدد بشئ من ذلك فالظاهر أنه كاذب في اقراره وبعض المتأخرين من مشايخنا رحمهم الله تعالى أفتوا بصحة اقرار السارق بالسرقة مع الاكراه لأن الظاهر أن السراق لا يقرون في زماننا طائعين وسئل الحسن بن زياد رحمه الله تعالى أيحل ضرب السارق حتى يقر فقال ما لم يقطع اللحم ولا يتبين العظم وأفتى مرة بجواز ضربه ثم ندم واتبع السائل إلى باب الأمير فوجده قد ضرب السارق وأقر بالمال وجاء به فقال ما رأيت جورا أشبه بالحق من هذا وان أقر طائعا ثم قال المتاع متاعي أو قال استودعينه أو قال أخذته رهنا بدين لي عليه درأت القطع عنه لان ما ادعاه محتمل فقد آل الامر إلى الخصومة والاستحلاف وقد بينا ان صاحب الدين إذا سرق خلاف جنس حقه على سبيل الرهن بحقه لا يلزمه القطع ويستوى إن كان دينه حالا أو مؤجلا وكذلك إذا أخذ جنس حقه والدين مؤجل وهذا استحسان وكان ينبغي في القياس ان يقطع لأنه لاحق له في أخذ المال قبل حلول الأجل ولكنه استحسن فقال التأجيل لا ينفي وجوب أصل المال إنما يؤخر حق الاستيفاء فيكون وجوب الدين عليه شبهة (قال) ويستحب للامام ان يلقن السارق حتى لا يقر بالسرقة لما روينا ان النبي صلى الله عليه وسلم أتى بسارق فقال أسرقت ما أخاله سرق وهذا لان هذا احتيال من الامام لدرء الحد عنه وهو مندوب إليه وإذا ثبتت السرقة في البرد الشديد والحر الشديد الذي يتخوف عليه الموت ان قطعه حبسه حتى ينكشف الحر والبرد لان القطع يستوفي على وجه يكون القطع زاجرا لا متلفا وإذا كأن لا يتخوف عليه الموت ان قطع لم يؤخر لقوله صلى الله عليه وسلم لا ينبغي لوال ثبت عنده الحد أن لا يقيمه وان حبس إلى فتور الحر والبرد فمات في السجن فضمان المسروق دين في تركته لأنه تعذر استيفاء القطع (قال) وإذا اجتمع في يده قطع في السرقة والقصاص بدئ بالقصاص وضمن السرقة لأنه إن كان القصاص في النفس فقد بينا أنه إذا اجتمع في النفس وما دونه يقتل ويترك ما سوى ذلك وإن كان القصاص في اليد اليمنى فقد اجتمع في اليد حقان أحدهما لله تعالى والآخر للعبد فيقدم حق العبد لحاجته إلى ذلك وكذلك أن كان القصاص في اليد اليسرى أوفى الرجل اليمنى أوفى الرجل اليسرى يبدأ
(١٨٥)