المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٦٢
صبيا يعقل ويتكلم لا يقطع لان هذا خداع لا سرقة ولان من يعبر عن نفسه له يد على نفسه وذلك مانع من تقرير يد السارق عليه وان كأن لا يعبر عن نفسه ويتكلم قطع فيه في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رضي الله تعالى عنه استحسن أن لا أقطعه لان المملوك من جنس الحر فان الجنسية لا تتبدل بالرق وإذا كأن لا يقطع بسرقة جنسه من الأحرار يصير ذلك شبهة ولان احرازه لم يتم فان الصغير الذي لا يعقل يخرج إلى السكة وقد يوضع في السكة ويترك حرا كان أو مملوكا وما لا يتم احرازه عادة فهو تافه في حكم القطع وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى قالا هو مال متقوم لا يد له في نفسه فهو بمنزلة الدابة والكارة يتعلق القطع بسرقته والتافه ما يوجد جنسه مباح الأصل في دار الاسلام غير مرغوب وذلك لا يوجد في المماليك خصوصا في الصغار منهم (قال) فان سرق شاة من مرعاها لم يقطع لأنها غير محرزة والمقصود من تركها من المرعى الرعي دون الاحراز وان سرقها من دار قطع لأنها محرزة بالدار كسائر الأموال وكذلك الإبل والبقر والفرس والحمار والبغل فإن كانت تأوي بالليل إلى حائط قد بنى لها عليه باب يغلق عليها ومعها من يحفظها أوليس معها حافظ فكسر الباب ودخل وسرق منه بقرة فآواها أو ساقها أو ركبها حتى أخرجها قال يقطع لما روينا انه صلى الله عليه وسلم قال إذا جمعها المراح ففيها القطع ولأنها بالليل تجمع في المراح للاحراز والحفظ ثم المذهب عندنا أن المكان الذي هو حرز لمال يكون حرزا لما آخر حتى لو سرق ثياب الراعي من هذا الموضع يقطع وعلى قول الشافعي رحمه الله تعالى المراح حرز للدواب دون غيرها من الأموال لان المعتبر في احراز كل مال ما هو المعتاد ومعتاد احراز الدواب بالمراح دون سائر الأموال الا ترى أنه بابه قد يكون بحيث يمنع خروج الدواب ولا يمنع دخول الناس فيه فلهذا لا يقطع إذا سرق منه مالا آخر (قال) وإذا شهد شاهدان انه سرق بقرة واختلفا في لونها فقال أحدهما بيضاء وقال الآخر سوداء فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى تقبل هذه الشهادة وعندهما لا تقبل قال الكرخي رحمه الله في لونين متشابهين كالحمرة والصفرة تقبل عنده فأما فيما لا يتشابه كالسواد والبياض لا تقبل الشهادة بالاتفاق والأصح ان الكل على الخلاف فهما يقولان اختلفا في المشهود به على وجه لا يمكن التوفيق فلا تقبل الشهادة كما لو شهد أحدهما انه سرق ثورا والآخر انه سرق أنثى أو شهد أحدهما انه سرق بقرة والآخر أنه سرق بعيرا والدليل عليه ان في الغصب لو اختلف الشهود
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست