حرز على حدة ألا تري أن المودع إذا أمر بحفظ الوديعة في دار فحفظها في دار أخرى فهلكت كان ضامنا بخلاف ما إذا أمر بحفظها في بيت فحفظها في بيت آخر من تلك الدار فإذا كان مأذونا في دخول بيت منها تنعدم الحرزية في حقه فلا يقطع سواء كان صاحب الدار هناك أولم يكن وكذلك الحمام فإنه حرز في نفسه حتى لو سرق منه ليلا يقطع وبالنهار هو مأذون بالدخول فيه فيمتنع وجوب القطع عليه سواء كان هناك حافظ أو لم يكن فأما الصحراء فليس بحرز في نفسه وإنما يصير المال محرزا فيه بالحافظ فإذا كان هناك حافظ يجب القطع على السارق وإلا فلا قطع عليه وكذلك المسجد فإنه ما بنى للاحراز وحفظ الأمتعة به فإنما يكون المتاع فيه محرزا بالحافظ فإذا لم يكن مع المال حافظ فلا قطع عليه سرق منه ليلا أو نهارا فإذا كان هناك حافظ فعليه القطع لحديث صفوان رضي الله عنه فإنه كان نائما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم متوسدا بردائه فجاء سارق فسرقه فاتبعه حتى أخذه وجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقطعه (قال) ولو كابر انسانا ليلا حتى سرق متاعه ليلا فعليه القطع لان سرقته قد تمت حين كابره ليلا فان الغوث بالليل قل ما يلحق صاحب البيت وهو عاجز عن دفعه بنفسه فيكون تمكنه من ذلك بالناس والسارق استخفي فعله من الناس بخلاف ما إذا كابره في المصر نهارا حتى أخذ منه مالا فإنه لا يلزمه القطع استحسانا لان الغوث في المصر بالنهار يلحقه عادة فالآخذ مجاهر بفعله غير مستخف له وذلك يمكن نقصانا في السرقة قال صلى الله عليه وسلم لا قطع على مختلس ولا منتهب ولا خائن (قال) وإذا سرق رجلان من رجل ثوبا وأحدهما أب المسروق منه لم يقطع واحد منهما أما الأب فللتأول له في مال ولده بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم أنت ومالك لأبيك ولأنه قد يدخل بيته من غير استئذان عادة فلا يكون بيته حرزا في حقه والسرقة فعل من السارق فإذا امتنع وجوب القطع على أحدهما للشبهة يمتنع وجوبه على الآخر للشركة وهو نظير ما قلنا في الأب والأجنبي إذا اشتركا في قتل الولد لم يجب القصاص على واحد منهما (قال) ومن سرق من ذي رحم محرم منه لم يقطع عند علمائنا وقال الشافعي رحمه الله في الوالدين والمولودين كذلك وفى غيرهم يجب القطع لأنه ليس بينهما ولاد ولا جزئية فلا تتمكن الشبهة لأحدهما في مال صاحبه كبنى الأعمام والدليل عليه قبول شهادة كل واحد منهما لصاحبه وجواز وضع الزكاة فيه ولان الثابت بهذه القرابة بينهما
(١٥١)