المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ١٦٦
ولئن سلمنا فان الملك هناك يتجدد بتجدد السبب والمالية والتقوم باعتبار الملك فجعل متجددا أيضا بخلاف ما قبل البيع والشراء هذا لان اختلاف أسباب الملك كاختلاف الأعيان ألا ترى أن بريرة كان يتصدق عليها وهي تهديه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هو لها صدقة ولنا هدية والمشترى إذا باع من غيره ثم اشتراه ثم وجد به عيبا لم يرده على البائع الأول فدل أن تبدل سبب الملك كتبدل العين فأما الغزل إذا نسجه فهو في حكم عين آخر فلهذا لو فعله الغاصب كان الثوب مملوكا له فإنما سرق في المرة الثانية عينا أخرى وعلى هذا الحرز فإنه إذا أعيد الحرز كان هذا حرزا متجددا غير الأول لان الحرز ليس بعبارة عن عين الجدار بل هو عبارة عن التحفظ والتحصن وكذلك حد الزنا فإنه يجب باعتبار المستوفى فالمستوفي مثلا شئ والمستوفى في المرة الثانية غير المستوفي في المرة الأولى فلهذا لزمه الحد مع أن هناك حرمة المحل لا تسقط في حقه باستيفاء الحد منه في المرة الأولى بخلاف المالية والتقوم الذي هو حق المالك في العين فإنه يسقط اعتباره باستيفاء القطع من السارق ولان هذا حد لا يستوفى الا بخصومة فلا يتكرر بتكرر الخصومة من واحد في محل واحد كحد القذف وبيانه أن الشهود لو شهدوا بالسرقة من غير خصم لا يثبت القطع بالاتفاق وتأثيره أن في خصومته في المرة الثانية نوع شبهة لأنه قد استوفي بخصومته مرة ما هو جزاء سرقة هذا العين فيمكن شبهة في خصومته في المرة الثانية وذلك مانع من القطع الذي يندرئ بالشبهات غير مانع من الضمان الذي يثبت مع الشبهات بخلاف حد الزنا فإنه لا تعتبر الخصومة فيه (قال) والسارق تقطع في المرة الأولى يده اليمني فان سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى فان سرق بعد ذلك لم يقطع عندنا استحسانا ولكن يعزر ويحبس حتى تظهر توبته وعند الشافعي رحمه الله تعالى في المرة الثالثة تقطع يده اليسرى وفى المرة الرابعة تقطع رجله اليمني ثم يحبس بعد ذلك وعند أصحاب الظواهر في المرة الخامسة يقتل وحجته قوله تبارك وتعالى فاقطعوا أيديهما واسم اليد يتناول اليسرى كما يتناول اليمنى بدليل آية الطهارة ولا معنى لاستدلالكم بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه وهو قوله تعالي فاقطعوا أيديهما لان بهذه القراءة ينبغي ان تقطع رجله اليمني ثم عندكم إذا سرق وهو مقطوع اليد اليسرى أو مقطوع الابهام من اليد اليسرى لم تقطع يده اليمني وبالقراءتين وبالإجماع صار قطع اليمني مستحقا من السارق فلا يجوز تركه بالرأي وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه ان
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست