في دار الحرب والمعنى فيه أن الوجوب لايراد لعينه بل للاستيفاء وقد انعدم المستوفى لأنه لا يملك إقامة الحد على نفسه وليس للامام ولاية على من في دار الحرب ليقيم عليه الحد فامتنع الوجوب لانعدام المستوفى وإذا لم يجب عليه حين باشر السبب لا يجب بعد ذلك وان خرج إلى دارنا (قال) وكذلك سرية من المسلمين دخلت في دار الحرب فزنى رجل منهم هناك أو كانوا عسكرا لان أمير العسكر والسرية إنما فوض إليه تدبير الحرب وما فوض إليه إقامة الحدود وأما إذا كان الخليفة غزا بنفسه أو كان أمير مصر يقيم الحدود على أهله فإذا غزا بجنده فإنه يقيم الحدود والقصاص في دار الحرب لان أهل جنده تحت ولايته فمن ارتكب منهم منكرا موجبا للعقوبة يقيم عليه العقوبة كما يقيمها في دار الاسلام هذا إذا زنى في المعسكر وأما إذا دخل دار الحرب وفعل ذلك خارجا من المعسكر لا يقيم عليه الحد بمنزلة المستأمن في دار الحرب (قال) ولا حد على من زنى أو شرب الخمر في معسكر أهل البغي منهم ولا من كان تاجرا من أهل العدل وأسرائهم فيه لان يد امام أهل العدل لا تصل إليهم لمنعة أهل البغي وولايته في الاستيفاء منقطعة لقصور يده وقد بينا أن الوجوب للاستيفاء فإذا انعدم المستوفى امتنع الوجوب كما لو فعل ذلك في دار الحرب وإن كان خروجه من دار الحرب أو من عسكر أهل البغي بعد تطاول المدة فلا اشكال في أنه يدرأ العقوبة إذا تطاولت المدة في حد الشرب سواء ثبت بالاقرار أو بالبينة وفي حد الزنا إذا ثبت بالبينة (قال) ويقام الحد على العبد إذا أقر بالزنا أو بغيره مما يوجب الحد وإن كان مولاه غائبا وكذلك القطع والقصاص لان الوجوب عليه باعتبار النفسية في محل لاحق للمولى فيه فان حق المولى في المالية وقد بينا أنه في حكم النفسية هو والحر سواء وأبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى يفرقان بين حجة البينة والاقرار باعتبار ان للمولى حق الطعن في البينة دون الاقرار وان الاقرار موجب للحق بنفسه والبينة لا توجب الا بالقضاء وقد قررناه في الآبق (قال) وإذا وجب على المريض حد من الحدود في زنا أو شرب أو سرقة حبس حتى يبرأ لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر عليا رضي الله عنه بإقامة حد على أمة فرأى بها أثر الدم فرجع ولم يقم عليها ولم ينكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يحمل هذا على أن أثر الدم بها كان نفاسا لا حيضا لان الحائض بمنزلة الصحيحة في إقامة الحد عليها والنفساء بمنزلة المريضة ولأنه لو أقام الحد على المريض ربما ينضم ألم الجلد
(١٠٠)