المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٩٦
أنه إذا لم يثبت الحد فبالاقرار الواحد يجب الضمان فلا يعتبر اقراره بعد ذلك في اسقاط الضمان وهذا لان حكم اقراره بالزنا مراعى من حيث أن الزنا غير موجب للمهر فان تم عدد الأربعة تبين أنه لم يكن موجبا للمهر وإن لم يتم كان موجبا للمهر كما أنه بعد تمام الاقرار ان رجع تبين أن الواجب لم يكن عليه الحد بخلاف السرقة فان نفس الاخذ موجب للضمان وإنما سقط الضمان لضرورة استيفاء القطع حقا لله تعالى على ما نبينه (قال) وإذا وطئ الرجل جارية ولده وقال علمت أنها علي حرام لا يحد للشبهة الحكمية التي تمكنت في الموطوءة بقوله صلى الله عليه وسلم أنت ومالك لأبيك وكيف يجب الحد ولو جاءت بولد فادعاه ثبت النسب وصارت أم ولد له وان وطئ جارية أحد أبويه أو امرأته فان اتفقا على أنهما كانا يعلمان بحرمة الفعل فعليهما الحد لأنه لا شبهة هنا في المحل وإنما الشبهة من حيث الاشتباه فلا يكون معتبرا إذا لم يشتبه فأما إذا قال الواطئ ظننت أنها تحل لي أو قالت الجارية ظننت أنه يحل لي لا حد على واحد منهما لان شبهة الاشتباه عند الاشتباه معتبر بالشبهة الحكمية ودعوى الشبهة الحكمية من أحدهما يسقط الحد عنهما فكذلك شبهة الاشتباه وحكى عن ابن أبي ليلى انه أقر عنده رجل أنه وطئ جارية أمه فقال له أوطأتها؟ قال نعم حتى قال أربع مرات فأمر بضربه الحد وخطأه أبو حنيفة رحمه الله تعالى في هذا القضاء من أوجه أحدها ان باقراره بلفظ الوطئ لا يلزمه الحد ما لم يقر بصريح الزنا والثاني وهو ان القاضي ليس له أن يطلب الاقرار في هذا الباب بقوله أفعلت بل هو مندوب إلى تلقين الرجوع والثالث أنه لم يسأله عن علمه بحرمتها وينبغي له أن يسأله عن ذلك وليس له أن يقيم الحد ما لم يعلم علمه بحرمة ذلك الفعل (قال) ولو وطئ جارية أخيه أو أخته وقال ظننت أنها تحل لي فعليه الحد لان هذا ليس بموضع الاشتباه وان كل واحد منهما في حكم الملك كالأجنبي (قال) في الأصل ولم يجعل هذا كالسرقة يعنى إذا سرق مال أخيه أو أخته لا يقطع ثم أجاب وقال ألا ترى أنه لو زنى بأخته وعمته حددته ولو سرق من واحدة منهما لم أقطعه وإنما أشار بهذا إلى أن في حد السرقة لا بد من هتك الحرز والاحراز لا يتم في حق ذي الرحم المحرم لان بعضهم يدخل بيت يعض من غير استئذان وحشمة بخلاف حد الزنا (قال) وان وطئ جارية ولد ولده فجاءت بولد فادعاه فإن كان الأب حيا لم تثبت دعوة الجد إذا كذبه ولد الولد لان صحة الاستيلاد تنبنى على ولاية نقل الجارية إلى نفسه وليس للجد ولاية ذلك في حياة لأب ولكن
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»
الفهرست