المبسوط - السرخسي - ج ٩ - الصفحة ٩٣
كاقرار واحد وروى أن أبا بكر رضي الله عنه قال له أقررت ثلاث مرات ان أقررت الرابعة رجمك رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى رواية قال إياك والرابعة فإنها موجبة وعن بريدة الأسلمي فان كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نتحدث ان ماعزا لو جلس في بيته بعدما أقر ثلاثا ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه من يرجمه فدل على أن اشتراط عدد الأقارير كان معروفا فيما بينهم وان المراد من قوله فان اعترفت فارجمها الاعتراف المعروف في الزنا وهو أربع مرات والصحيح من حديث الغامدية انها أقرت أربع مرات هكذا ذكر الطحاوي رحمه الله تعالى الا ان الأقارير منها كانت في أوقات مختلفة قبل الوضع وبعد الوضع وبعدما طهرت من نفاسها وبعد ما فطمت ولدها ولهذا لم تتفق الرواية على نقل الأقارير الأربعة في حديثها والذي روى أنها قالت أتريد ان ترددني كما رددت ماعزا لا يكاد يصح لان ترديد ماعز كان حكما شرعيا فلا يظن بها انها جاءت لطلب التطهير ثم تعترض على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما هو حكم شرعي واعتبار هذا الحق بسائر الحقوق باطل فقد ظهر فيها من التغليظ ما لم يظهر في سائر الأشياء من ذلك أن النسبة إلى هذا الفعل موجب للحد بخلاف سائر الأفعال وموجب للعان إذا حصل من الزوج في زوجته بخلاف سائر الأفعال ويشترط في أحدي الحجتين من العدد مالا يشترط في سائرها وكل ذلك للتغليظ فكذلك اعتبار عدد الاقرار الا ان العدد في الشهادة يثبت حقيقة وحكما بدون اختلاف المجالس ولا يثبت في الاقرار حكما الا باختلاف المجالس لان الكلام إذا تكرر من واحد في مجلس واحد بطريق الاخبار يجعل ككلام واحد وإنما يتحقق معنى التغليظ باشتراط العدد في الاقرار الموجب للحد لا في الاقرار المسقط للحد عن القاذف ألا ترى ان التصريح بلفظ الزنا يعتبر في الاقرار الموجب للحد دون المسقط وكذلك عدد الأربعة بالشهود حتى إذا قذف امرأة بالزنا فشهد عليها شاهدان أنها أكرهت علي الزنا سقط الحد عن القاذف إذا عرفنا هذا فنقول ينبغي للامام أن يرد المعترف بالزنا في المرة الأولى والثانية والثالثة لحديث عمر رضي الله عنه قال اطردوا المعترفين بالزنا فإذا عاد الرابعة فأقر عنده سأله عن الزنا ما هو وكيف هو وبمن زنى وأين زنى لما بينا في الشهادة الا ان في الاقرار لا يسأله متى زنا لان حد الزنا يقام بالاقرار بعد التقادم وإنما لا يقام بالبينة فلهذا يسأل الشهود متى زنى ولا يسأل المقر عن ذلك فإذا وصفه وأثبته قال له فلعلك تزوجتها أو وطئتها
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست