المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٩٩
فان أرسله فجعل يقتل حمامات الحرم لم يكن عليه في ذلك شئ لأنه بارسال ما قصد الاصطياد وإنما قصد مباشرة ما هو مستحق عليه وهو رفع اليد عن الصيد الآمن فلا يكون عليه عهدة ما يفعله الصيد بعد ذلك كمن أعتق عبدا عن كفارته فجعل العبد يرتكب الكبائر لا يكون على المعتق شئ من ذلك فهذا مثله (قال) ولا خير فيما يرخص فيه أهل مكة من الحجل واليعاقيب ولا يدخل الحرم شيئا منها لحديث ابن عمر رضي الله عنه ان عبد الله بن عامر رضي الله عنه أهدى إليه بمكة بيض نعام وظبيين حيين فلم يقبلهما وقال أهديتهما إلى آمنين ما كانا أي ما داما يريد به أنهما صارا آمنين بادخالهما في الحرم حيين والحجل واليعاقيب من الصيود فبادخال الحرم إياهما حيين يثبت الامن فيهما فلا يحل تناول شئ منهما وذلك مروى عن عائشة والحسين بن علي رضى الله تعالى عنه وعادة أهل مكة في هذا الترخيص بخلاف النص فيكون ساقط الاعتبار فان ذبحهما قبل أن يدخلهما الحرم فلا بأس بتناولهما في الحرم لأنه إنما أدخل اللحم في الحرم واللحم ليس بصيد (قال) وان رمي صيدا بعض قوائمه في الحل وبعضها في الحرم فعليه جزاؤه لان جزاء صيد الحرم مبنى على الاحتياط ولأنه إذا اجتمع المعنى الموجب للإباحة في شئ واحد يغلب الموجب للحظر لقوله صلى الله عليه وسلم ما اجتمع الحلال والحرام في شئ الا غلب الحرام الحلال فلا يحل تناول هذا الصيد لهذا المعنى أيضا قال وإن كان الرامي في الحرم والصيد في الحل فقد بينا أن الاصطياد محرم على من كان في الحرم كما هو محرم على المحرم فهذا وما لو كان الصيد في الحرم سواء وإن كان الرامي في الحل والصيد في الحل إلا أن بينهما قطعة من الحرم فمر فيها السهم فلا شئ عليه ولا بأس بأكله لأنا ان اعتبرنا الرامي فهو حلال في الحل وان اعتبرنا جانب الصيد فهو صيد الحل وبمرور السهم في هواء الحرم لا تثبت حرمة الحرم في حق الصيد ولا في حق الرامي والسهم ليس بمحل حرمة الحرم فلهذا لا يجب على الرامي شئ ولا بأس بأكله (قال) وان جرح صيدا في الحل وهو حلال فدخل الحرم ثم مات فيه لم يكن عليه جزاؤه لان فعله في وقت الجرح كان مباحا والسراية أثر الفعل فإذا لم يكن أصل فعله موجبا للجزاء لا يكون أثره موجبا كمن جرح مرتدا فأسلم ثم مات وفى القياس لا بأس بأكل هذا الصيد لان فعله كان مذكيا له موجبا للحل حتى لو مات منه في الحل حل تناوله ولكنه كره أكله استحسانا لما بينا أن حل التناول حكم يثبت عند زهوق الروح عنه وعند ذلك هو صيد
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست