المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٠٢
الله تعالى عليه جزاء كل صيد لأنه مرتكب محظور الاحرام بقتل كل صيد فيلزمه جزاؤه كما لو لم يقصد رفض الاحرام وهذا لان قصده هذا ليس بشئ لان احرامه لا يرتفض بقتل الصيد فكان وجود هذا القصد كعدمه وهو بناء على أصله ان في وجوب الجزاء العبرة للمحل دون الفعل فلا معتبر بقصده إلى الرفض بفعله ولكنا نقول إن قتل الصيد من محظورات الاحرام وارتكاب محظورات العبادة يوجب ارتفاضها كالصوم والصلاة الا ان الشرع جعل الاحرام لازما لا يخرج منه الا بأداء الاعمال الا ترى أنه حين لم يكن لازما في الابتداء كان يرتفض بارتكاب المحظور وكذلك الأمة إذا أحرمت بغير إذن مولاها أو المرأة إذا أحرمت بغير إذن زوجها بحجة التطوع لما لم يكن ذلك لازما في حق الزوج كان له ان يحللها بفعل شئ من المحظورات بها فكان هو في قتل الصيود هنا قاصدا إلى تعجيل الاحلال لا إلى الجناية على الاحرام وتعجيل الاحلال يوجب دما واحدا كما في حق المحصر بخلاف ما إذا لم يكن على قصد رفض الاحرام لأنه قصد الجناية على الاحرام بقتل كل صيد فيلزمه جزاء كل صيد وقد بينا ان حكم جزاء الصيد في حق المحرم ينبني على قصده حتى أن ضارب الفسطاط لا يكون ضامنا للجزاء بخلاف ناصب الشبكة (قال) ولا يتصدق من جزاء الصيد على والده وولده بمنزلة الزكاة وصدقة الفطر فإنه مال وجب التصدق به لحق الله تعالى وان أعطى منه ذميا أجزأه الا ان في رواية عن أبي يوسف رحمه الله تعالى حيث كل صدقة واجبة لا يجوز صرفها إلى فقراء أهل الذمة وقد بينا هذه الفصول في كتاب الصوم فهو على ما ذكرناه ثمة (قال) وإذا بلغ جزاء الصيد جزورا فهو أحب إلى من أن يشترى بقيمته أغناما لان المندوب إليه التعظيم في الهدايا قال الله تعالى ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب فما كان أقرب إلى التعظيم فهو أولى وان اشترى أغناما فذبحها تصدق بها أجزأه على قياس سائر الهدايا نحو هدى الاحصار وهدى المتعة (قال) وليس عليه أن يعرف بالجزور في جزاء الصيد ولا أن يقلده لان سنة التقليد والتعريف فيما يكون نسكا وهذا دم كفارة فلا يسن فيه التعريف والتقليد وإن كان لو فعل ذلك لا يضره وعلى هذا هدى الاحصار والكفارات وكان المعنى فيه أن ما يكون نسكا فالتشهير فيه أولى ليكون باعثا لغيره على أن يفعل مثل ما فعله فأما ما يكون كفارة فسببه ارتكاب المحظور فالستر على نفسه في مثله أولى من التشهير قال صلى الله عليه وسلم من أصاب من هذه القاذورات شيئا فليستتر يستر الله
(١٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 ... » »»
الفهرست