المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٦٢
الميت فإذا لم يفد هذا التعيين ما هو المقصود صار كأن التعيين لم يوجد وما هلك من المال صار كأن لم يكن فلهذا يحج عنه بثلث ما بقي (قال) وان أوصى بحجة وعتق نسمة والثلث لا يسعهما يبدأ بالذي بدأ به الميت لان البداية تدل على زيادة العناية وقد ثبت وجوب تنفيذ الوصية الأولى قبل ذكر الثانية فلا يتغير ذلك بذكر الوصية الثانية إذ ليس في آخر كلامه ما يغير موجب أوله إلا أن يكون الحج حجة الاسلام فحينئذ يبدأ بها وان أخره الميت لان الترجيح بالبداية بعد المساواة في القوة ولا مساواة بين الفرض والنفل في القوة ولان الظاهر أن الموصى يقصد تقديم الفرض في الأداء وان أخره في الذكر لان اسقاط الفرض عن ذمته يترجح عنده على التبرع بما ليس عليه (قال) وان أوصى بان يحج عنه بثلثه ولم يقل حجة حج عنه بجميع الثلث لأنه جعل الثلث مصروفا إلى هذا النوع من القربة فيجب تحصيل مقصوده في جميع الثلث كما لو أوصى أن يفعل بثلثه طاعة أخرى (قال) وان أوصى أن يحج عنه رجل حجة فأحجوه فلما قدم فضل معه كسوة ونفقة فان ذلك لورثة الميت لان الحاج عن الغير لا يتملك المال المدفوع إليه فان التمليك يكون بطريق الاستئجار وقد بينا بطلان الاستئجار على الطاعة وإنما ينفق المال على ملك الموصى بطريق الإباحة لاستحقاقه الكفاية حين فرغ نفسه ليعمل له فما فضل من ذلك يكون باقيا على ملك الميت فيرد على ورثته (قال) وإذا أوصى لرجل فقال أحجوا فلانا حجة ولم يقل عنى ولم يسم كم يعطى فإنه يعطى بقدر ما يحجه حجة وله أن لا يحج به إذا أخذه بل يصرفه إلى حاجة أخرى لأنه ما أمره بالحج عنه إنما جعل ذلك الحج عيارا لما أوصى له به من المال ثم أشار عليه بان يحج بذلك المال عن نفسه فكانت وصية صحيحة يجب تنفيذها بالدفع إليه ومشورته غير ملزمة فإن شاء حج به وان شاء لم يحج (قال) وإذا أوصى أن يحج عنه رجل بعينه أو بغير عينه وأوصى بوصايا لا ناس بأكثر من الثلث قسم الثلث بينهم بالحصص يضرب للحج فيه بأدنى ما يكون من نفقة الحج لان الوصية بالحج وجب تنفيذها له بنفقة الموصي ووجب تنفيذ سائر الوصايا حقا للموصي لهم فعند اختلاف الحقوق تجرى المزاحمة بينهم في الثلث لمراعاة حق كل مستحق بخلاف ما ذكرنا من الحج والعتق لان تنفيذ الوصيتين هناك لحق الموصى فلهذا كانت البداية بما بدأ به الميت ثم ما خص الحج من الثلث هنا يحج به من حيث يبلغ لأنه هو الممكن من تحصيل مقصود الموصى بمنزلة ما لو لم يكن ثلث ماله
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست