المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١١٩
فلا معنى للامر بالافتراق في وقت تحل المواقعة بينهما فيه وزفر رحمه الله تعالى يقول يفترقان من وقت الاحرام لان الافتراق نسك بقول الصحابة رضي الله عنهم وأوان أدار ما هو نسك بعد الاحرام وهذا ليس بقوى فان الافتراق ليس بنسك في الأداء فلا يكون نسكا في القضاء لان القضاء بصفة الأداء وقال الشافعي رحمه الله تعالى إذا قربا من الموضع الذي جامعها فيه يفترقان لأنهما لا يأمنان إذا وصلا إلى ذلك الموضع أن تهيج بهما الشهوة فيواقعها فيفترقان للتحرز عن هذا وهذا ليس بصحيح أيضا لأنه إنما واقعها في السنة الأولى بسبب النكاح القائم بينهما فلو وجب الافتراق إنما يجب عن النكاح وأحد لا يأمر بهذا ثم إذا بلغا إلى ذلك الموضع فتأملا فيما لحقهما من المشقة بسبب لذة يسيرة ازدادا ندما وتحرزا عن ذلك ثانيا لكيلا يصيبهما الآن مثل ما أصابهما في المرة الأولى ولكنا نقول مراد الصحابة رضي الله عنهم انهما يفترقان على سبيل الندب ان خافا على أنفسهما الفتنة لا أن يكون ذلك واجبا عليهما كما يندب الشاب الا الامتناع عن التقبيل في حالة الصيام إذا كأن لا يأمن على نفسه ما سوى ذلك (قال) وان كانا قارنين فعلى كل واحد منهما شاتان لان كل واحد منهما محرم باحرامين وعلى كل واحد منهما قضاء عمرة وحجة إن لم يكن طاف بالبيت قبل المواقعة وقد سقط دم القران عنهما لفساد نسكهما وان لزمهما المضي في الفاسد لان هذا دم نسك فلا يجب الا على من جمع بين الحج والعمرة بصفة الصحة وإن كان طاف بالبيت قبل الجماع فكذلك الجواب في أنه يجب عليه دمان لان بالطواف لم يتحلل عن احرام العمرة ما لم يحلق ولكن ليس عليه قضاء العمرة هنا لأنه إنما جامع بعد ما أدى عمرته لان ركن العمرة هو الطواف فلم تفسد عمرته بهذا وإنما فسد حجه فعليه قضاؤه وقد سقط عنه دم القران بفساد أحد النسكين وان جامع بعد ما وقف بعرفة لم يفسد واحد من النسكين عندنا وقد بينا هذا ولكن عليه جزور لجماعه بعد الوقوف في احرام الحج وشاة لجنايته على احرام العمرة وعليه دم القران لأنه أدى النسكين بصفة الصحة (قال) وإذا جامع الحاج بعدما وقف بعرفة فأهدى جزورا ثم جامع بعد ذلك فعليه شاة لأنه دخل احرامه نقصان بالجماع الأول فالجماع الثاني صادف احراما ناقصا فيكفيه شاة بخلاف الجماع في المرة الأولى فان هناك صادف احراما تاما فكان عليه جزور (قال) وان طاف أربعة أشواط من طواف الزيارة بعد ما حلق أو قصر ثم جامع فليس عليه شئ لان أكثر أشواط الطواف في حكم التحلل
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست