المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٠٨
فيه النص يتمسك بالأصل وهو لزوم الاحرام إلى أن يؤدى الأفعال إلا أن يشترط ذلك عند الاحرام فحينئذ يصير التحلل له حقا بالشرط لما روى أن ضباعة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها كانت شاكية فقال لها أهلي بالحج واشترطي أن تحلى حيث حبست فلو كان لها أن تتحلل من غير شرط لما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشرط والمعني فيه أن ما ابتلى به لا يزول بالتحلل فلا يكون له أن يتحلل كالذي ضل الطريق أو أخطأ العدد أو سرقت نفقته بخلاف المحصر بالعدو فان ما ابتلى به هناك يزول بالتحلل لأنه يرجع إلى أهله فيندفع شر العدو عنه وحجتنا في ذلك قوله تعالى فان أحصرتم فان أهل اللغة يقولون إن الاحصار لا يكون الا في المرض ففي العدو يقال حصر فهو محصر وفى المرض يقال أحصر فهو محصر وقال الفراء رحمه الله تعالى يقال في العدو والمرض جميعا أحصر وحصر في العدو خاصة فقد اتفقوا على أن لفظة الاحصار تتناول المرض وقوله فإذا أمنتم لا يمنع من حمله على المرض ومعناه إذا برئتم قال صلى الله عليه وسلم الزكام أمان من الجذام والدمامل أمان من الطاعون فعرفنا ان لفظة الامن تطلق في المرض. وفي الحديث عن الحجاج بن عمر رحمه الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كسر أو عرج فعليه الحج من قابل فذكر ذلك لابن عباس وأبي هريرة رضى الله تعالى عنهما فقالا صدق وعن الأسود بن يزيد قال خرجنا من البصرة عمارا أي معتمرين فلدغ صاحب لنا فأعرضنا الطريق لنسأل من نجده فإذا نحن بركب فيهم ابن مسعود رضي الله تعالى عنه فسألناه عن ذلك فقال ليبعث صاحبكم بدم ويواعد المبعوث على يديه أي يوم شاء فإذا ذبح عنه حل والمعنى فيه أن المعنى الذي لأجله ثبت حق التحلل للمحصر بالعدو موجود هنا وهو زيادة مدة الاحرام عليه لأنه إنما التزم إلى أن يؤدى أعمال الحج وبتعذر الأداء تزداد مدة الاحرام عليه ويلحقه في ذلك ضرب مشقة فأثبت له الشرع حق التحلل وهذا المعنى موجود هنا فقد يزداد عليه مدة الاحرام بسبب المرض والمشقة عليه في المكث محرما المرض أكثر فيثبت له حق التحلل بطريق الأولى والدليل على أن المعنى هذا لاما قال إن العدو إذا أحاطوا به من الجوانب الأربعة أو حبسوه في موضع لا يزول ما به بالتحلل بأن ان كأن لا يمكنه الرجوع إلى أهله مع ذلك يثبت له حق التحلل عرفنا أن المعنى ما قلنا فأما الذي ضل الطريق عندنا فليس محصرا لأنه ان وجد من يبعث بالهدى على يده فذلك الرجل يهديه إلى الطريق فلا حاجة به إلى
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست