المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ٨٣
والقيمة مثل معنى لا صورة وفى قوله من النعم تنصيص على أن المعتبر هو المثل صورة وعلى هذا اتفقت الصحابة رضى الله تعالى عنهم نقل ذلك عن علي عمر وعبد الله بن مسعود رضى الله تعالى عنهم انهم أوجبوا ما سمينا من النظائر وأبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى أخذ بقول ابن عباس رضى الله تعالى عنه فإنه فسر المثل بالقيمة والمعنى الفقهي يشهد له فان الحيوان لا مثل له من جنسه ألا ترى أن في حق حقوق العباد يكون الحيوان مضمونا بالقيمة دون المثل فكذلك في حقوق الله تعالى وكما أن المثل منصوص عليه هنا فكذلك في حقوق العباد في قوله تعالى فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم يوضحه ان المماثلة بين الشيئين عند اتحاد الجنس أبلغ منه عند اختلاف الجنس فإذا لم تكن النعامة مثلا للنعامة كيف تكون البدنة مثلا للنعامة والمثل من الأسماء المشتركة فمن ضرورة كون الشئ مثلا لغيره أن يكون ذلك الغير مثلا له ثم لا تكون النعامة مثلا للبدنة عند الاتلاف فكذلك لا تكون البدنة مثلا للنعامة وإذا تعذر اعتبار المماثلة صورة وجب اعتبارها بالمعنى وهو القيمة فاما قوله من النعم فقد قيل فيه تقديم وتأخير ومعناه فجزاء مثل ما قتل يحكم به ذوا عدل منكم من النعم هديا بالغ الكعبة ثم ذكر الأصمعي وأبو عبيدة ان اسم النعم يتناول الأهلي والوحشي جميعا ومعناه فجزاء قيمة ما قتل من النعم الوحشي وحمله على هذا أولى لان قوله فجزاء مصدر وما ذكر بعده وصف فإنما يكون وصفا للمذكور وذلك إذا حمل على ما بينا وايجاب الصحابة رضي الله عنهم لهذه النظائر لا باعتبار أعيانها بل باعتبار القيمة إلا أنهم كانوا أرباب المواشي فكان ذلك أيسر عليهم من النقود وهو نظير ما قال علي رضي الله عنه في ولد المغرور يفك الغلام بالغلام والجارية بالجارية المراد القيمة والاختلاف في هذه المسألة في فصول أحدها ما بينا والثاني ان الذي أتى الحكمين يقوم الصيد فإذا ظهرت قيمته فالخيار إلى المحرم بين التكفير بالهدى والاطعام والصيام في قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى وعند محمد رحمه الله تعالى الخيار إلى الحكمين فإذا عينا نوعا عليه يلزمه التكفير به بعينه فاما اعتبار الحكمين بالنص وهو قوله تعالى يحكم به ذوا عدل منكم وعلى طريقة القياس يكفي الواحد للتقويم وإن كان المثنى أحوط ولكن يعتبر المثنى بالنص وبيانه في حديث عمر رضي الله عنه فان رجلين أتياه فقال أحدهما ان صاحبي هذا كان محرما وأنه رمى إلى ظبي وأصاب أحشاءه فماذا يجب عليه فسار عمر عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما بشئ
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»
الفهرست