المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٦٩
مكة من أهل الآفاق بغير احرام إلا أنه روى عن أبي يوسف رحمه الله تعالى انه ان نوى الإقامة بالبستان خمسة عشر يوما كان له أن يدخل وان نوى الإقامة بالبستان دون خمسة عشر يوما ليس له أن يدخل مكة الا بإحرام لان بنية الإقامة خمسة عشر يوما يصير متوطنا بالبستان فيصير بمنزلة أهل البستان وان نوى المقام بها دون خمسة عشر يوما فهو ماض على سفره فلا يدخل مكة الا بإحرام وجه ظاهر الرواية وهو أنه حصل بالبستان قبل قصده دخول مكة فإنما قصد دخول مكة بعد ما حصل بالبستان فكان حاله كحال أهل البستان (قال) وليس للرجل من أهل المواقيت ومن دونها إلى مكة أن يقرن أو أن يتمتع وهم في ذلك بمنزلة أهل مكة أما المكي فلانه ليس له أن يتمتع بالنص لان الله تعالى قال في ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام واختلف العلماء رحمهم الله تعالى في حاضري المسجد الحرام فقال مالك رحمه الله تعالى هم أهل مكة خاصة وقال الشافعي رحمه الله تعالى هم أهل مكة ومن يكون منزله من مكة على مسيرة لا يجوز فيها قصر الصلاة وقلنا أهل المواقيت ومن دونها إلى مكة من حاضري المسجد الحرام بمنزلة أهل مكة بدليل أنه يجوز لهم دخول مكة بغير احرام فلا يكون لهم أن يتمتعوا وكما لا يتمتع من هو من حاضر المسجد الحرام فكذلك لا يقرن بين الحج والعمرة وعند الشافعي رحمه الله تعالى يجوز له القران من قبل أن القارن على قوله يترفه بادخال عمل أحد النسكين في الآخر والمكي في هذا وغيره سواء وعندنا معنى الترفه بالقران والتمتع في أداء النسكين في سفر واحد لا في ادخال عمل أحدهما في الآخر ومن كان من حاضري المسجد الحرام فهو غير محتاج إلى السفر لأداء النسك ولا يلحقه بالسفر كثير مشقة فكما لا يكون له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج فكذلك لا يكون له أن يقرن بينهما عندنا إلا أن المكي إذا كان بالكوفة فلما انتهى إلى الميقات قرن بين الحج والعمرة فأحرم لهما صح ويلزمه دم القران لان صفة القارن أن تكون حجته وعمرته متقارنتين يحرم بهما جميعا معا وقد وجد هذا في حق المكي ولو اعتمر هذا المكي في أشهر الحج ثم حج من عامه ذلك لا يكون متمتعا لان الآفاقي إنما يكون متمتعا إذا لم يلم بأهله بين النسكين الماما صحيحا والمكي هنا يلم بأهله بين النسكين حلالا إن لم يسق الهدى وكذلك أن ساق الهدى لا يكون متمتعا بخلاف الآفاقي إذا ساق الهدى ثم ألم بأهله محرما كان متمتعا لان العود هناك مستحق عليه فيمنع ذلك صحة المامه بأهله وهنا العود غير مستحق عليه وان ساق الهدى فكان المامه بأهله صحيحا فلهذا
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست