والبقر (قال) والتجليل حسن لان هدايا رسول الله كانت مقلدة مجللة حيث قال لعلي رضي الله عنه تصدق بجلالها وخطامها وان ترك التجليل لم يضره والتقليد أحب إلى من التجليل لان للتقليد ذكر في كتاب الله تعالى دون التجليل وأما الاشعار فهو مكروه عند أبي حنفية رحمه الله تعالى وعندهما هو حسن في البدنة وان ترك لم يضره وصفة الاشعار هو أن يضرب بالمبضع في أحد جانبي سنام البدنة حتى يخرج الدم منه ثم يلطخ بذلك الدم سنامه سمى ذلك اشعارا بمعنى أنه جعل ذلك علامة له والاشعار هو الاعلام وكان ابن أبي ليلى رحمه الله تعالى يقول الاشعار في الجانب الأيسر من السنام وقد صح في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أشعر البدن بيده وهو مروى عن الصحابة رضي الله عنهم ظاهر حتى قال الطحاوي رحمه الله تعالى ما كره أبو حنيفة رحمه الله تعالى أصل الاشعار وكيف يكره ذلك مع ما اشتهر فيه من الآثار وإنما كره إشعار أهل زمانه لأنه رآهم يستقصون ذلك على وجه يخاف منه هلاك البدنة لسرايته خصوصا في حر الحجاز فرأى الصواب في سد هذا الباب على العامة لأنهم لا يراعون الحد فأما من وقف على ذلك بأن قطع الجلد فقط دون الحكم فلا بأس بذلك ثم حجتهما من حيث المعنى لان المقصود من الاشعار والتقليد اعلام بأنها بدنة حتى إذا ضلت ردت وإذا وردت الماء والعلف لم تمنع لكن هذا المقصود بالتقليد لا يتم لان القلادة تحل ويحتمل أن تسقط منه فإنما يتم بالاشعار لأنه لا يفارقه فكان الاشعار حسنا لهذا وأبو حنيفة رحمه الله تعالى يقول معنى الاعلام بالتقليد يحصل وهو لاكرام البدنة وليس في الاشعار معنى الاكرام بل ذلك يؤذي البدنة ولان التجليل مندوب إليه وإنما كان مندوبا لدفع أذى الذباب عن البدنة والاشعار من جوالب الذباب فلهذا كرهه أبو حنيفة رحمه الله تعالى (قال) ولا يصير بالاشعار والتجليل محرما وإنما يصير محرما بالتقليد واصل هذا ان الاحرام لا ينعقد بمجرد النية عندنا وفى أحد قولي الشافعي رحمه الله تعالى ينعقد بمجرد النية وجعل الاحرام قياس الصوم من حيث أنه التزام الكف عن ارتكاب المحظورات ومثل هذه العبادة يحصل الشروع فيها بمجرد النية كالصوم وعلى قولنا الاحرام قياس الصلاة لان الاحرام لأداء الحج أو العمرة وذلك يشتمل على أركان مختلفة كالصلاة فكما لا يصير شارعا في الصلاة بمجرد النية بدون التحريمة فكذلك في الاحرام بخلاف الصوم فإنه ليس للصوم الا ركن واحد وهو الامساك وذلك معلوم بزمانه
(١٣٨)