المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٣٥
القياس لان التزام الهدى في كل مال كالتزام الصدقة في كل مال والأصح أن يفرق بينهما فيقال في لفظة الصدقة إنما حمل هذا اللفظ على مال الزكاة خاصة اعتبارا لما يوجبه على نفسه بما أوجبه الله تعالى عليه وما أوجب الله تعالى عليه من الصدقة في المال مختص بمال الزكاة فكذلك ما يوجبه العبد على نفسه وهنا إنما أوجب الهدى وما أوجب الله تعالى من الهدى لا يختص بمال الزكاة فكذلك ما يوجبه على نفسه فلهذا اعتبرنا فيه حقيقة اللفظ ولكنه يمسك مقدار قوته لان حاجته مقدمة على حاجة غيره فإذا أفاد ما لا تصدق بمثل ما أمسك لتعلق حق المساكين به ثم قال وكذلك أن قال كل مالي صدقة في المساكين فهذا مثل الأول في قول إبراهيم رحمه الله تعالى وهذا العطف يؤيد ما قلنا أولا أن المذكور جواب القياس فان القياس والاستحسان منصوص عليهما في لفظ الصدقة في كتاب الهبة وان قال إن فعلت كذا فغلامي هذا هدى فباعه ثم فعل ذلك لم يلزمه شئ لان المعلق بالشرط عند وجوده كالمنشأ ولو أنشأ النذر عند ذلك الفعل لم يلزمه شئ لان العبد ليس في ملكه فكذلك إذا وجد الشرط وكذلك أن كان الغلام في غير ملكه حين حلف ثم اشتراه ثم فعل ذلك لان اليمين بالنذر في محل معين لا يصح الا باعتبار الملك أو الإضافة إلى الملك ولم يوجد الملك ولا الإضافة إلى الملك في المحل وقت اليمين فلم ينعقد يمينه أصلا (قال) وان قال إن كلمت فلانا فهذا المملوك هدى ثم اشتراه صحت يمينه لوجود الإضافة إلى الملك ثم عند وجود الشرط وهو الكلام يصير كأنه أرسل النذر وإنما ينصرف إلى شراء بعده لا إلى شراء سبقه (قال) وان قال فهذه الشاة هدى إلى بيت الله تعالى أو إلى مكة أو إلى الكعبة وهو يملكها فعليه أن يهديها لأنه لو أطلق التزام الهدى صح نذره باعتبار هذا المكان فإذا صرح به كان أولى (قال) وإذا قال إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام لم يلزمه أن يهديهما في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ولزمه ذلك عندهما وهو نظير ما سبق من التزام المشي إلى الحرم أو إلى المسجد الحرام لما جعل ذكر هذين الموضعين عندهما كذكر مكة ولم يجعل كذلك عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى كذلك هنا فان قيل فعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ينبغي أن يلزمه هنا لان ذكره الحرم والمسجد الحرام غير ملزم فكأنه لم يذكر ولكنه قال هذه الشاة هدى فتلزمه بخلاف المشي فان هناك لو قال على مشى لا يلزمه شئ قلنا هذا غير صحيح لأنه إذا قال هذه الشاة هدى إنما يلزمه باعتبار
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»
الفهرست