المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٣١
كأنه تلفظ بما صار عبارة عنه ولأنه لا يتوصل إلى بيت الله تعالى الا بالاحرام فكأنه التزم الاحرام بهذا اللفظ والاحرام لأداء أحد النسكين اما الحج أو العمرة فكأنه التزم بهذا اللفظ ما يخرج به عن الاحرام فلهذا يلزمه حجة أو عمرة ويمشى فيها كما التزم فإذا ركب أراق دما لحديث عقبة بن عامر رضى الله تعالى عنه حيث قال يا رسول الله ان أختي نذرت أن تحج ماشية فقال صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى غنى عن تعذيب أختك مرها فلتركب ولترق دما ولان الحج ماشيا أفضل فان الله تعالى قدم المشاة على الركبان فقال يأتوك رجالا وعلى كل ضامر ولهذا كان ابن عباس رضى الله تعالى عنه بعد ما كف بصره يتأسف على تركه الحج ماشيا والحسن بن علي رضى الله تعالى عنه كان يمشي في طريق الحج والجنائب تقاد بجنبه فقيل له ألا تركب فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مشى في طريق الحج كتب الله له بكل خطوة حسنة من حسنات الحرم قيل وما حسنات الحرم قال الواحدة بسبعمائة ضعف فإذا ثبت أن المشي أفضل قلنا إذا ركب فقد أدى أنقص مما التزم فعليه لذلك دم فان قيل كيف يستقيم هذا وقد كره أبو حنيفة رحمه الله تعالى المشي في طريق الحج قلنا لا كذلك وإنما كره الجمع بين الصوم والمشي وقال إذا جمع بينهما ساء خلقه فجادل رفيقه والجدال منهى عنه فان اختار المشي فالصحيح من المذهب انه يلزمه المشي من بيته وقال بعض أصحابنا رحمهم الله تعالى يلزمه المشي من الميقات لأنه التزم المشي في النسك وذلك عند احرامه من الميقات ولكن العادة الظاهرة أن الناس بهذا اللفظ يقصدون المشي من بيوتهم وقد قال علي وابن مسعود رضي الله عنهما في قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله قال اتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك فميقات الرجل في الاحرام منزله ولكن يرخص له في تأخير الاحرام إلى الميقات ولو أحرم من بيته لا اشكال أنه يمشي من بيته فكذلك إذا أخر الاحرام قلنا يمشي من بيته كما التزم ثم لا يركب إلى أن يطوف طواف الزيارة لان تمام الخروج من الاحرام به يحصل فان تمام التحلل في حق النساء إنما يحصل بالطواف وإذا اختار العمرة مشى إلى أن يحلق فان قرن بهذه العمرة حجة الاسلام أجزأه لان القارن يأتي بكل واحد من النسكين بكماله فنسك العمرة التزمه بالنذر والحج حجة الاسلام وقد أداهما بصفة الكمال فعليه دم القران لذلك وإن كان ركب فعليه دم لركوبه مع دم القران (قال) وكل من وجب عليه دم في المناسك جاز أن يشاركه في بدنة ستة نفر
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست