المبسوط - السرخسي - ج ٤ - الصفحة ١٠٧
الدم بدم المتعة من حيث إنه تحلل به عن الاحرام وذلك يختص بالحرم فكذا هذا وأما ما روى فقد اختلفت الروايات في نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدايا حين أحصر فروى أنه بعث الهدايا على يدي ناجية لنحرها في الحرم حتى قال ناجية ماذا أصنع فيما يعطب منها قال انحرها واصبغ نعلها بدمها واضرب بها صفحة سنامها وخل بينها وبين الناس ولا تأكل أنت ولا رفقتك منها شيئا وهذه الرواية أقرب إلى موافقة الآية قال الله تعالى هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله فأما الرواية الثانية ان صحة فنقول الحديبية من الحرم فان نصفها من الحل ونصفها من الحرم ومضارب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت في الحل ومصلاه كان في الحرم فإنما سيقت الهدايا إلى جانب الحرم منها ونحرت في الحرم فلا يكون للخصم فيه حجة وقيل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان مخصوصا بذلك لأنه ما كان يجد في ذلك الوقت من يبعث الهدايا على يده إلى الحرم (قال) ثم إذا بعث بالهدى إلى الحرم فذبح عنه فليس عليه حلق ولا تقصير في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى خلافا لأبي يوسف رحمه الله تعالى وقد بينا هذا وقال الشافعي رحمه الله تعالى تعالى الحلق نسك فعلى المحصر أن يأتي به ثم عليه عمرة وحجة هكذا روى عن ابن عباس وابن عمر رضى الله تعالى عنهما أما قضاء الحج فإن كان محرما بحجة الاسلام فقد بقيت عليه حين لم تصر مؤداة وإن كان محرما بحجة التطوع فعليه قضاؤها عندنا لأنه صار خارجا منها بعد صحة الشروع قبل أدائها وعند الشافعي رضي الله عنه لا يجب عليه القضاء وهو نظير الشارع في صوم التطوع إذا أفسده وقد بيناه في كتاب الصوم وأما قضاء العمرة فلانه صار في معنى فائت الحج حين كان خروجه بعد صحة الشروع قبل أداء الاعمال وعلى فائت الحج أعمال العمرة فإذا لم يأت بها كان عليه قضاء العمرة أيضا (قال) وإذا بعث بالهدى فإن شاء أقام مكانه وان شاء رجع لأنه لما صار ممنوعا من الذهاب يخير بين المقام والانصراف وهذا إذا كان محصرا بعدو فإن كان محصرا بمرض أصابه فعندنا هو والمحصر بالعدو سواء يتحلل ببعث الهدي وعند الشافعي رحمه الله تعالى ليس للمريض أن يتحلل إلا أن يكون شرط ذلك عند احرامه ولكنه يصبر إلى أن يبرأ فان هذا حكم ثابت بالنص من الكتاب والسنة والآية في الاحصار بالعدو بدليل قوله تعالى في آخر الآية فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم محصرا بالعدو ففيما لم يرد
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 ... » »»
الفهرست