الصلاة والسلام لا يقبل الله صلاة امرئ حتى يضع الطهور مواضعه فيغسل وجهه ثم يديه ولا شك ان حرف ثم للترتيب (ولنا) ما ذكره أبو داود رحمه الله تعالى في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم فبدأ بذراعيه ثم بوجهه والخلاف فيهما واحد * وروى أنه صلى الله عليه وسلم نسي مسح رأسه في وضوئه فتذكر بعد فراغه فمسحه ببلل في كفه ولان الركن تطهير الأعضاء وذلك حاصل بدون الترتيب ألا ترى أنه لو انغمس في الماء بنية الوضوء أجزأه ولم يوجد الترتيب ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على الترتيب في الوضوء لا تدل على أنه ركن فقد كان يواظب على السنن كما واظب على المضمضة والاستنشاق وأهل اللغة اتفقوا على أن الواو للعطف مطلقا من غير أن تقتضي جمعا ولا ترتيبا فان الرجل إذا قال جاءني زيد وعمرو كان اخبارا عن مجيئهما من غير ترتيب في المجئ قال الله تعالى واسجدي واركعي مع الراكعين فلا يدل ذلك على ترتيب الركوع علي السجود وكذلك في الآية أمر بغسل الأعضاء لا بالترتيب في الغسل ألا ترى أن ثبوت الحدث في الأعضاء لا يكون مرتبا فكذلك زواله والحديث محمول على صفة الكمال وبه نقول (وان غسل بعض أعضائه وترك البعض حتى جف ما قد غسل أجزأه لان الموالاة سنة عندنا) وقال مالك رحمه الله تعالى وهو أحد قولي الشافعي رحمه الله تعالى الموالاة ركن فلا يجزئه تركه لان النبي صلى الله عليه وسلم واظب على الموالاة فلو جاز تركه لفعله مرة تعليما للجواز. وقال ابن أبي ليلى إن كان في طلب الماء أجزأه لان ذلك من عمل الوضوء فإن كان أخذ في عمل آخر غير ذلك وجف وجب علينا إعادة ما جف وجعله قياس أعمال الصلاة إذا اشتغل في خلالها بعمل آخر (ولنا) ما بينا أن المقصود تطهير الأعضاء وذلك حاصل بدون الموالاة والمنصوص عليه في الكتاب غسل الأعضاء فلو شرطنا الموالاة كان زيادة على النص وقد بينا أن مواظبة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تكون لبيان السنة وأفعال الصلاة تؤدى بناء على التحريمة والاشتغال بعمل آخر مبطل للتحريمة فكان مفسدا بخلاف الوضوء فان أركان الوضوء لا تنبنى على التحريمة حتى لم يكن الكلام في الوضوء مفسدا له والله أعلم * قال (ولا يفسد خرء الحمام والعصفور الماء فإنه طاهر عندنا) وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه نجس يفسد الماء والثوب والقياس ما قال لأنه مستحيل من غذاء الحيوان إلى فساد لكن استحسنه علماؤنا رحمهم الله تعالى لحديث ابن
(٥٦)