قول أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى ينجس الثوب الا انه يجوز الصلاة فيه ما لم يكن كثيرا فاحشا لأنه مختلف في نجاسته وفيه بلوى لمن يعالجها فخفت نجاسته لهذين المعنيين فكان التقدير بالكثير الفاحش. وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى الكثير الفاحش في الثوب الربع فصاعدا قيل أراد به ربع الموضع الذي أصابه من ذيل أو غيره وقيل أراد به ربع جميع الثوب وهو الصحيح وهذا لان الربع ينزل منزلة الكمال بدليل ان المسح بربع الرأس كالمسح بجميعه وعن أبي يوسف في روايته الكثير الفاحش شبر في شبر وفى رواية ذراع في ذراع وعن محمد رحمه الله تعالى فيما يقدر الكثير الفاحش على قوله كالأرواث. وغيره أنه قدر موضع القدمين وهذا قريب من شبر في شبر (ويستحب للرجل حين يبتدئ الوضوء أن يقول بسم الله وإن لم يقل أجزأه) وعلى قول أصحاب الظواهر التسمية من الأركان لا يجوز الوضوء الا بها لقوله عليه الصلاة والسلام لا وضوء لمن لم يسم وعندنا التسمية من سنن الوضوء لامن أركانه فان الله تعالى بين أركان الوضوء بقوله فاغسلوا وجوهكم الآية ولم يذكر التسمية وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الاعرابي الوضوء ولم يذكر التسمية فتبين بهذا أن المراد من قوله عليه الصلاة والسلام لا وضوء لمن لم يسم نفى الكمال لا نفى الجواز كما قال في حديث آخر من توضأ وسمى كان طهورا لجميع بدنه ومن توضأ ولم يسم كان طهورا لأعضاء وضوئه وفي الحديث المعروف كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله فهو أقطع أي ناقص غير كامل وهذا بخلاف التسمية على الذبيحة فانا أمرنا بها إظهارا لمخالفة المشركين لأنهم كانوا يسمون آلهتهم عند الذبح فكان الترك مفسدا وهنا أمرنا بالتسمية تكميلا للثواب لا مخالفة للمشركين فإنهم كانوا لا يتوضؤن فلم يكن الترك مفسدا لهذا. قال (وان بدأ في وضوئه بذراعيه قبل وجهه أو رجليه قبل رأسه أجزأه عندنا) ولم يجزه عند الشافعي رضي الله عنه فان الترتيب في الوضوء عندنا سنة وعنده من الأركان واستدل بقوله تعالى فاغسلوا وجوهكم الآية والفاء للوصل والترتيب فظاهره يقتضى أنه يلزمه وصل غسل الوجه بالقيام إلى الصلاة ولا يجوز تقديم غيره عليه ثم إن الله تعالى عطف البعض على البعض بحرف الواو وذلك موجب للترتيب كما في قوله تعالى اركعوا واسجدوا ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السعي بين الصفا والمروة بأيهما نبدأ فقال ابدأوا بما بدأ الله تعالى به فدل على أن الواو للترتيب وقال عليه
(٥٥)