المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٥٤
وأبى يوسف رحمهما الله تعالى ولا يفسده في قول محمد ويتوضأ منه ما لم يغلب عليه) أو أصل المسألة أن بول ما يؤكل لحمه نجس عندهما طاهر عند محمد رحمه الله تعالى واحتج بحديث أنس رضي الله تعالى عنه أن قوما من عرنة جاؤوا إلى المدينة فأسلموا فاجتووا المدينة فاصفرت ألوانهم وانتفخت بطونهم فامرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها الحديث فلو لم يكن طاهرا لما أمرهم بشربه والعادة الظاهرة من أهل الحرمين بيع أبوال الإبل في القوارير من غير نكير دليل ظاهر على طهارتها. ولهما قول النبي صلى الله عليه وسلم استنزهوا من البول فان عامة عذاب القبر منه ولما ابتلى سعد بن معاذ رضي الله تعالى عنه بضغطة القبر سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سببه فقال إنه كان لا يستنزه من البول ولم يرد به بول نفسه فان من لا يستنزه منه لا تجوز صلاته وإنما أراد أبوال الإبل عند معالجتها. والمعنى أنه مستحيل من أحد الغذاءين إلى نتن وفساد فكان نجسا كالبعر. فأما حديث أنس رضى الله تعالى عنه فقد ذكر قتادة عن أنس رضى الله تعالى عنه انه رخص لهم في شرب ألبان الإبل ولم يذكر الأبوال وإنما ذكره في حديث حميد عن أنس رضى الله تعالى عنهما والحديث حكاية حال فإذا دار بين أن يكون حجة أولا يكون حجة سقط الاحتجاج به ثم نقول خصهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك لأنه عرف من طريق الوحي ان شفاءهم فيه ولا يوجد مثله في زماننا وهو كما خص الزبير رضى الله تعالى عنه بلبس الحرير لحكة كانت به وهي مجاز عن القمل فإنه كان كثير القمل أو لأنهم كانوا كفارا في علم الله تعالى ورسوله علم من طريق الوحي أنهم يموتون على الردة ولا يبعد أن يكون شفاء الكافر في النجس. إذا عرفنا هذا فنقول إذا وقع في الماء فعند محمد رحمه الله هو طاهر فلا يفسد الماء حتى يجوز شربه ولكن إذا غلب على الماء لم يتوضأ به كسائر الطاهرات إذا غلبت على الماء وعند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله هو نجس فكان مفسدا للماء والبئر والاناء فيه سواء وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يجوز شربه للتداوي وغيره لقوله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم وعند محمد يجوز شربه للتداوي وغيره لأنه طاهر عنده وعند أبي يوسف يجوز شربه للتداوي لا غير عملا بحديث العرنيين ولا يجوز لغيره ولو أصاب الثوب لم ينجسه عند محمد رحمه الله تعالى حتى تجوز الصلاة فيه وإن امتلأ الثوب منه وعلى
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»
الفهرست