المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٥
فالاسم شرعي ليس فيه معنى اللغة فالدلائل من الكتاب والسنة على فرضيتها مشهورة يكثر تعدادها (ثم بدأ بتعليم الوضوء) فقال (إذا أراد الرجل الصلاة فليتوضأ) وهذا لان الوضوء مفتاح الصلاة قال صلى الله عليه وسلم مفتاح الصلاة الطهور ومن أراد دخول بيت مغلق بدأ بطلب المفتاح وإنما فعل محمد رحمه الله ذلك اقتداء بكتاب الله تعالى فإنه امام المتقين قال الله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم فاقتدى بالكتاب في البداية بالوضوء لهذا وفى ترك الاستثناء هاهنا وذكره في الحج كما قال الله لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين وفي اضمار الحدث فإنه مضمر في الكتاب ومعنى قوله إذا قمتم إلى الصلاة من منامكم أو وأنتم محدثون هذا هو المذهب عند جمهور الفقهاء رحمهم الله فأما على قول أصحاب الظواهر فلا اضمار في الآية * والوضوء فرض سببه القيام إلى الصلاة فكل من قام إليها فعليه ان يتوضأ وهذا فاسد لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة فلما كان يوم الفتح أو يوم الخندق صلى الخمس بوضوء واحد فقال له عمر رضي الله عنه رأيتك اليوم تفعل شيئا لم تكن تفعله من قبل فقال عمدا فعلت يا عمر كي لا تحرجوا فقياس مذهبهم يوجب أن من جلس فتوضأ ثم قام إلى الصلاة يلزمه وضوء آخر فلا يزال كذلك مشغولا بالوضوء لا يتفرغ للصلاة وفساد هذا لا يخفى على أحد * قال (وكيفية الوضوء أن يبدأ فيغسل يديه ثلاثا) لما روى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الاناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدرى أين باتت يده ولأنه إنما يطهر أعضاءه بيديه فلا بد من أن يطهرهما أولا بالغسل حتى يحصل بهما التطهير * ثم الوضوء على الوجه الذي ذكره محمد رحمة الله عليه في الكتاب رواه حمران عن أبان عن عثمان رضي الله عنه أنه توضأ بالمقاعد ثم قال من سره أن ينظر إلى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا وضوءه وذكر أهل الحديث أنه مسح برأسه وأذنيه ثلاثا (قال) أبو داود في سننه والصحيح من حديث عثمان رضى الله تعالى عنه أنه مسح برأسه وأذنيه مرة واحدة وعلم أبو بكر الصديق رضى الله تعالى عنه الناس الوضوء على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة ورواه عبد خير عن علي رضي الله عنه أنه توضأ في رحبة الكوفة بعد صلاة الفجر بهذه الصفة ثم قال من سره أن ينظر إلى وضوء
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست