المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٩٥
وتثقيف السهم عليه والمد حتى رمى عمل كثير يحتاج فيه إلى استعمال اليدين والناظر إليه من بعيد لا يشك أنه في غير الصلاة فكان مفسدا لهذا وكذلك لو ادهن أو سرح رأسه أو أرضعت المرأة صبيها من أصحابنا من جعل الفاصل بين العمل القليل والكثير أن يحتاج فيه إلى استعمال اليدين حتى قالوا إذا زر قميصه في الصلاة فسدت صلاته وإذا حل إزاره لم تفسد والأصح أن يقال فيه أن كل عمل إذا نظر إليه الناظر من بعيد لا يشك أنه في غير الصلاة فهو مفسد لصلاته وكل عمل لو نظر إليه الناظر فربما يشتبه عليه أنه في الصلاة فذلك غير مفسد فما ذكر من الاعمال إذا نظر الناظر إليه لا يشك أنه في غير الصلاة فان المرأة إذا حملت صبيها أو أرضعته لم يشكل على أحد أنها في غير الصلاة وقد روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ المعوذتين في صلاة الفجر ثم قال سمعت بكاء صبي فخشيت على أمه أن تفتتن فلو كان الارضاع غير مفسد للصلاة لما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة القراءة لأجل بكائه وان قاتل في صلاته فسدت صلاته لان النبي صلى الله عليه وسلم شغل عن أربع صلوات يوم الخندق لكونه مشغولا بالقتال فلو جازت الصلاة مع القتال لما أخرها وكذلك ان أكل أو شرب في الصلاة ناسيا أو عامدا بخلاف الصوم فإنه يفصل بين النسيان والعمد لأنه قد اقترن بحال المصلى ما يذكره فان حرمة الصلاة مانعة من التصرف في الطعام المؤدي إلى الأكل فلهذا سوى بين النسيان والعمد وفي الصوم لم يقترن بحاله ما يذكره فان الصوم لا يمنعه ما يؤدي إلى الأكل وهو التصرف في الطعام ثم الأكل عمل لو نظر إليه الناظر لا يشك أنه في غير الصلاة وعلى هذا قال محمد مضغ العلك في الصلاة يفسدها لان الناظر إليه من بعيد لا يشك أنه في غير الصلاة وإن كان في أسنانه شئ فابتلعه لم يضره لان ما يبقى بين الأسنان في حكم التبع لريقه فلهذا لا يفسد الصوم وهذا إذا كان دون الحمصة فان ذلك يبقى بين الأسنان عادة وكذلك ان قلس أقل من ملء الفم ثم رجع فدخل جوفه وهو لا يملكه فهذا بمنزلة ريقه ألا ترى أنه لا ينقض وضوءه فكذلك لا يفسد صلاته والمتهجد بالليل قد يبتلى بهذا خصوصا في ليالي رمضان إذا امتلأ من الطعام عند الفطر فللبلوى قلنا لا تفسد صلاته * قال (وان انتضح البول على المصلى أكثر من قدر الدرهم من موضع فانفتل فغسله لم يبن علي صلاته) وفى الاملاء عن أبي يوسف رحمه الله تعالى قال يبنى لان هذا بعض ما ورد به النص فقد روينا في الرعاف ومن رعف يحتاج إلى غسل أنفه إلى الوضوء فإذا كان له أن يبنى ثمة فها هنا أولى. وجه ظاهر
(١٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 ... » »»
الفهرست