المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٩٦
الرواية أن البناء على الصلاة حكم ثبت بالآثار بخلاف القياس فلا يلحق به الا ما يكون في معناه من كل وجه وهذا ليس في معنى المنصوص عليه لان الانصراف هناك كان للوضوء ولا بد منه والانصراف هاهنا لغسل النجاسة عن الثوب وقد لا يحتاج إليه بأن يكون عليه ثوبان فيلقى ما تنجس من ساعته فلهذا أخذنا فيه بالقياس وقلنا لا يبنى * قال (وان سال من دمل به دم توضأ وغسل وبنى على صلاته كما لو رعف) ومراده من هذا إذا سال بغير فعله فأما إذا عصره حتى سال أو كان في موضع ركبتيه فانفتح من اعتماده على ركبتيه في سجوده فهذا بمنزلة الحدث العمد قال لا يبنى على صلاته وان أصابته بندقة فشجته فسال منه دم لم يبن علي صلاته في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يبنى إذا توضأ لان عمر رضى الله تعالى عنه لما طعن في المحراب استخلف عبد الرحمن بن عوف ولو فسدت صلاته لفسدت صلاة القوم فلم يستخلفه ولان الحدث سبقه بغير صنعه فهو كالحدث السماوي (ولنا) أن الحدث كان بصنع العباد فيمنعه كما لو كان بصنعه لان هذا ليس في معنى المنصوص عليه فان الحدث السماوي العذر المانع من المضي ممن له الحق وهنا العذر من غير من له الحق وبينهما فرق فان المريض يصلى قاعدا ثم لا يعيد إذا برأ والمقيد يصلى قاعدا ثم تلزمه الإعادة عند اطلاقه وحديث عمر رضى الله تعالى عنه كان قبل افتتاح الصلاة ليفتتح الصلاة ألا ترى أنه روى أنه لما طعن قال آه قتلني الكلب من يصلى بالناس ثم قال تقدم يا عبد الرحمن وهذا كلام يمنع البناء على الصلاة * قال (وان نام في صلاته فاحتلم في القياس يغتسل ويبنى) يريد القياس على الاستحسان في الحدث الصغرى ولكني أستحسن أن يستقبل يريد العود إلى القياس الأول لان هذا ليس في معنى المنصوص عليه فإنه يحتاج في الاغتسال إلى كشف العورة ولا يحتاج إليه في الوضوء ولان المصلى قد يبتلى بالحدث الصغرى عادة فمن النادر أن يبتلى بالحدث الموجب للاغتسال والنادر ليس في معنى ما تعم به البلوى * قال (وإذا سقط عن المصلى ثوبه فقام عريانا وهو لا يعلم ثم تذكر من ساعته فتناول ثوبه ولبسه فإنه يمضى على صلاته) وفى القياس يستقبل الصلاة لوجود انكشاف العورة في الصلاة وهو مناف لما ابتدأها ولكنه استحسن فقال الانكشاف الكثير في المدة اليسيرة بمنزلة الانكشاف اليسير في المدة الطويلة وذلك لا يمنع جواز الصلاة فهذا مثله وهذا إذا لم يؤد ركنا ولم يمكث عريانا بقدر ما يتمكن فيه من أداء ركن
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست