المبسوط - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٩٠
المغرب سنة وهذا لان الثانية هي الثالثة للأولى والثانية للأولى في حقه هذه الركعة وروى أن جندبا ومسروقا رضى الله تعالى عنهما ابتليا بهذا فصلى جندب ركعتين ثم قعد ومسروق ركعة ثم قعد ثم صلى ركعة أخرى فسألا عن ذلك ابن مسعود رضى الله تعالى عنه فقال كلاكما أصاب ولو كنت أنا لصنعت كما صنع مسروق وتأويل قوله كلاكما أصاب طريق الاجتهاد فأما الحق فواحد غير متعدد ثم ما يصلى المسبوق مع الامام آخر صلاته حكما عند أبي حنيفة وأبى يوسف رحمهما الله تعالى وعند محمد رحمه الله تعالى في القراءة والقنوت هو آخر صلاته وفى حكم القعدة هو أول صلاته ومذهبه مذهب ابن مسعود ومذهبهما مذهب على رضي الله تعالى عنه وقال الشافعي رضى الله تعالى عنه هو أول صلاته فعلا وحكما لأنه لا يتصور الآخر الا بعد الأول في الأداء ألا ترى أن تكبيرة الافتتاح في حقه أول الصلاة فكذلك ما بعده ولكنا نقول لو كان هذا مؤديا لأول الصلاة كان مخالفا لامامه ولا يصح الاقتداء به كيف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فاتكم فاقضوا فهو نص على أنه مؤد مع الامام ما أدرك لا ما فاته ولكن محمد رحمه الله تعالى جعله في حكم القراءة هكذا احتياطا حتى تلزمه القراءة فيما يقضى لان القراءة مكررة في صلاة واحدة وكذلك في حكم القنوت لأنه يتكرر في صلاة واحدة فلو جعلنا ما يؤديه مع الامام أول الصلاة للزمه القنوت فيما يقضى فيؤدى إلى تكرار القنوت في صلاة واحدة فأما في حكم القعدة فتتم الصلاة بقعدة في ركن ولن يكون ذلك الا بعد أن يجعل ما يؤديه مع الامام أول الصلاة فلهذا قعد إذا صلى ركعة * وحكي عن يحيى البناء وكان من أصحاب محمد رحمه الله تعالى أنه سأله عن هذه المسألة فأجاب بما قلنا فقال على وجه السخرية هذه صلاة معكوسة فقال محمد رحمه الله تعالى لا أفلحت قال وكان كما قال أفلح أصحابه ولم يفلح بدعائه * قال (وأحب أن يكون بين يدي المصلى في الصحراء شئ أدناه طول ذراع) لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا أحدكم في الصحراء فليتخذ بين يديه سترة وكانت العنزة تحمل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركز في الصحراء بين يديه فيصلى إليها حتى قال عون بن جحيفة عن أبيه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء في قبة حمراء من أدم فركز بلال العنزة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى إليها والناس يمرون من ورائها وإنما قال بقدر ذراع طولا ولم يذكر العرض وكان ينبغي أن تكون
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»
الفهرست