مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٨ - الصفحة ٥٩٣
بيت المال وارث إذا كان يصرفه في وجوهه. قال الباجي في المنتقى في الكلام على الوصايا مسألة: من مات ولا وارث له فقد روى محمد عن أبي زيد عن ابن القاسم: يتصدق بما ترك إلا أن يكون الوالي يخرجه في وجهه مثل عمر بن عبد العزيز فليدفع إليه، وكذلك من أعتق نصرانيا فمات النصراني ولا وارث له فليتصدق بماله ولا يجعل في بيت المال. ووجه ذلك أن الوالي ليس له أن يستبد به ولا يصرفه في غير وجوه البر، فإذا كان ممن لا يصرفه في وجوه البر ساغ لمن كان بيده أن يصرفه في وجوه البر انتهى. ولم يحك في ذلك خلافا ثم قال مسألة: ومن أوصى له من لا وارث له بجميع ماله فقد قال مالك: يجزئه أن يتصدق بثلثه.
فقال ابن المواز: يتصدق بجميع ذلك على المسلمين لا عن الميت. ووجه ذلك أن ملك الموصي قد زال عن ثلثي ماله بالموت إلى وارث معين، فإن كان معينا دفع إليه، وإن كان غير معين تصدق به عمن صار إليه اه‍. وذكر ابن يونس في أواخر كتاب الوصايا الأول كلام ابن القاسم المتقدم واقتصر عليه، وكذلك ابن رشد في سماع أبي زيد من كتاب الوصايا ولم يذكر في ذلك خلافا.
وقال ابن عرفة بعد ذكر كلام ابن الحاجب: قال أبو عمر في كافيه: من لم يكن له عصبة ولا ولاء فبيت مال المسلمين إذا كان موضوعا في وجهه ولا يرد إلى ذوي الأرحام ولا إلى ذوي السهام. قال ابن عرفة: قلت: وقال الطرطوشي في تعليقته: إنما يكون لبيت المال في وقت يكون الامام فيه عادلا وإلا فليرد إلى ذوي الأرحام. الباجي في كتاب الوصايا لمحمد عن أبي زيد عن ابن القاسم: من مات ولا وارث له يتصدق بما ترك إلا أن يكون الوالي يخرجه في وجهه مثل عمر بن عبد العزيز فليدفع إليه، وكذا من أعتق نصرانيا ومات النصراني ولا وارث له تصدق بماله ولا يجعل في بيت المال، وحكاه الصقلي، وقاله ابن رشد في سماع أبي زيد.
وقال اللخمي: من أوصى بكل ماله ولا وارث له، قيل: ليس له ذلك، وقيل: وصيته ماضية.
هذا إن أوصى به للأغنياء أو فيما لا يصرفه فيه الامام أو وليه، ولو جعله في الفقراء وفيما لو رفعه إلى الامام لقضي فيه بمثل ذلك لم تغير وصيته لأنه فعل صوابا، ولا اختلاف في ذلك.
واختلف إن مات عن غير وصية، هل هو كالفئ يحل للأغنياء أو يقصر على الفقراء انتهى.
(٥٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 588 589 590 591 592 593 594 595 596 597 598 ... » »»
الفهرست