بإلزام الرجل ذلك نفسه، وتبتيله عتق مملوكه ابتداء، وبنذره ذلك لأمر كان أو يكون، وبالحنث في يمين بذلك أو بحمل مملوكته منه أو بعتقه بعضه فيبتل عليه باقيه، أو بالتمثيل به أو بشرائه من يعتق عليه، أو بقتل النفس خطأ، أو بوطئ المظاهر، أو بكتابة العبد، أو مقاطعته على مال، أو خدمته بذلك. ويلحق بذلك وجهان آخران وهما كفارة اليمين بالله، وكفارة الفطر في رمضان عمدا إلا أن الفرض في هذين موضوع للتخيير بينه وبين غيره وإنما يتعين بتعيين المكفر انتهى.
إلا أن يكون قوله بإلزام الرجل ذلك نفسه وتبتيله عتق مملوكه سببا واحدا وهو ظاهر. وكذلك قوله: أو بمكاتبة العبد الخ فيكون حينئذ عشرة أسباب فقط وهو الظاهر. وقال في اللباب عقب ذكره الأسباب المتقدمة: ويجب أن يعلم أن ما كثرت أسبابه كان إلى الوقوع أقرب. ألا ترى أنه قد وعد بالمغفرة على أسباب كثيرة تكاد تخرج عن الحصر فقال رسول الله (ص):
صوم يوم عرفة يكفر السنة الماضية والآتية وصوم يوم عاشوراء يكفر الماضية ورمضان إلى رمضان يكفر ما بينهما والصلوات الخمس يكفرن ما بينهن وإذا توضأ خرجت الخطايا من بين أشفار عينيه. وقد قلت لشيخنا شهاب الدين رحمه الله. إذا كان يوم عرفة يكفر الماضية والآتية فأي شئ يكفر يوم عاشوراء وكذلك ما ذكرناه؟ فقال لي: ذلك دليل على أنه تعالى مريد للمغفرة لعباده فإن العبد إذا أخطأه سبب لا يخطئه غيره، وما كثرت أسبابه كان إلى الوقوع أقرب فتنبه لذلك انتهى. وحكمة مشروعيته قال في اللباب: هي التنبيه على شرف الآدمي وتكرمته فإن الرق إذلال له والترغيب في مكارم الأخلاق وتعاطي أسباب النجاة من النار انتهى.
فرع: قال ابن سلمون في وثائقه: سئل ابن رشد في عتق الإماء والعبيد أيهما أفضل؟
فقال: اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من قال إن عتق الأكثر ثمنا منهم أعلا في الاجر ذكرا كان أو أنثى. لان رسول الله (ص) سئل أي الرقاب أفضل؟ فقال: أعلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها ولم يخص ذكرا من أنثى. وأما إذا استوى الذكر والأنثى فعتق الذكر أفضل كما أن عتق الأفضل في الدين من العبدين والأمتين أفضل وهذا لا اختلاف فيه، وإنما اختلف في الأفضل من عتق الكافر أو المسلم إذا كان الكافر أكثر ثمنا فقيل: إن عتق الأكثر ثمنا أفضل وإن كان كافرا لعموم الحديث. وقيل: إن عتق المسلم أفضل وأن الحديث إنما معناه مع استواء الرقاب، وكذلك الأفضل من عتق الكافر من كان منهم أكثر ثمنا. قال: وإن استوى في الأثمان فالذي أقول به أن عتق الأنثى منهم أفضل لان عتقها يحل للمسلمين نكاحها ولا منفعة في عتق الكافر الذكر اه.