تنبيهات: الأول: قوله في المدونة: استحب إلى آخره قال أبو الحسن: وفي الأمهات:
لا يجوز له في ماله بيع ولا عتق ولا شراء ولا هبة ولا صدقة والهبة والصدقة لغير ثواب كالعتق، واستحب له أن يمضيها. فظاهره أنه راجع إلى العتق وما أشبهه من الهبة والصدقة لغير الثواب انتهى. وقال أبو الحسن: قال عياض: ظاهر التهذيب أنه راجع إلى الجميع وعليه اختصرها المختصرون، وأنه يستحب له إمضاء جميع ما فعله وفيه نظر، والصحيح سواه وأنه لا يستحب له أن يمضي إلا ما كان لله قربة. وأما ما بينه وبين العباد فأي استحباب في هذا؟
وكذا جاء منصوصا في سماع أشهب على ما تأولناه. قال الشيخ أبو الحسن: وقد يكون أيضا فيه قربة بإسعاف أخيه المسلم بإمضاء صفقته لغبطته بها كأن يكون قربة في الإقالة والتولية انتهى، وهو ظاهر فتأمله والله أعلم.
الثاني: ظاهر كلام المؤلف أن السفيه لا يصح عتقه في جميع ما يصح فيه العتق وليس على عمومه، فقد قدم في باب الحجر أنه يجوز - عتقه لمستولدته. وقال في المدونة إثر الكلام السابق: وما ليس له فيه إلا المنفعة ففعله فيه جائز، ويجوز طلاقه لزوجته وعتقه لام ولده انتهى.
وهل يتبعها مالها؟ نقل في التوضيح في باب الحجر في ذلك ثلاثة أقوال: يفرق في الثالث بين اليسير والكثير. ونقلها غيره وعزا اللخمي الثالث لابن القاسم وقال: إنه الأشبه ذكره في الحجر. والقول الثاني أنه لا يتبعها مالها وإن لم يستثنه. قال ابن رشد في رسم العتق من سماع أشهب: هو أظهر الأقوال وأولاها بالصواب. انتهى. من العتق، وتقدم في باب الحجر الكلام على جميع ما تقدم بأبسط من هذا. الثالث يؤخذ من كلام المؤلف أن السفيه المهمل عتقه جائز لأنه إلى الآن لم يحجر عليه، وأنه إذا حجر عليه ثم ظهر رشده ولم يطلقه الحاكم فعتقه غير جائز لأنه محجور عليه. وهذا يأتي في قول ابن القاسم، وقول مالك على العكس. قال في اللباب هنا: ولو كان السفيه غير مولى عليه فعتقه جائز. قال ابن القاسم: إلا البين السفه انتهى.
وكلام اللباب يفهم منه أن قول ابن القاسم تقييد وليس كذلك والله أعلم. ويخرج بقول المؤلف: بلا حجر أيضا العبد. قال في الولاء منها: ولا يجوز عتق المكاتب ولا العبد بغير إذن سيده، فإن أعتق أو دبر أو تصدق بغير إذن سيده فللسيد رد ذلك، فإن رده بطل. ولا يلزم العبد والمكاتب ذلك إن عتقا وإن لم يعلم بذلك السيد حتى عتقا مضى ذلك، وما أعتقا بإذن السيد جاز. وعتق أم الولد لعبدها كما وصفنا في عتق العبد عبده انتهى. وقد علم أن أم الولد والمكاتب بمنزلة القن، وكذا من بعضه حر صرح به في أول رسم من سماع عيسى من كتاب العتق. والظاهر أن المدبر والمعتق إلى أجل كذلك، وأظن أن اللخمي صرح بذلك والله أعلم.
وفي المقدمات في كتاب المأذون: وأما العبد فما أعتق أو وهب فإذا لم يعلم السيد بذلك أو علم ولم يقض برد ولا إجازة حتى عتق العبد والمال بيده فإن ذلك لازم له، ولا أعلم في ذلك نص خلاف وهو دليل على أن فعله على الإجازة، فإن فوت العبد المال من يده قبل أن يعتق