مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ٥١٠
بعد السبعين ومائتين، وهما من أهل مكة ومن أسبق الناس بذلك ولهما المعرفة التامة بأخبارها، ولم يذكرا ذلك بل كلامهما صريح في خلافه كما ذكرنا، ولو وقع ذلك لما خفي عليهما ولكان ذلك من أعظم ما ينبهان عليه وقد نبها على ما هو أيسر من ذلك كما يظهر ذلك لمن طالع كلامهما. ومما يرد ما نقل عن الشريف النسابة ما ذكره الزبير بن بكار قاضي مالك ومؤلف كتاب النسب، لما ذكر حديث دفع المفتاح إلى شيبة قال: فبنو أبي طلحة هم الذين يلون سدانة الكعبة دون بني عبد الدار، عاش الزبير بن بكار إلى سنة ست وخمسين ومائتين، ومن ذلك أيضا ما ذكره ابن حزم الظاهري في كتاب جمهرة النسب لما ذكر الحديث المذكور قال: فبنو أبي طلحة هم ولاة الكعبة إلى اليوم دون سائر بني عبد الدار. وعاش ابن حزم إلى سنة ست وخمسين وأربعمائة. ومن ذلك ما ذكره ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب في ترجمة شيبة بن عثمان بعد أن ذكر عن الزبير بن بكار ما نقلناه عنه ونصه: قال أبو عمر: شيبة هذا جد بني شيبة حجبة الكعبة إلى اليوم انتهى. وعاش ابن عبد البر إلى سنة ثلاث وستين وأربعمائة. ومن ذلك ما وقع في كلام غير واحد من العلماء من أهل مكة وممن قدم إليها ممن هو من أهل الخبرة بهذا الشأن الذين لو وقع هذا الامر لما خفي عليهم كالمحب الطبري، وقد تقدم كلامه وابن جبير في رحلته وابن الأثير في كتاب الأنساب له وسيأتي كلامه، والقاضي تقي الدين الفاسي وأنه ترجم جماعة منهم في العقد الثمين وكرر ذكرهم في شفاء الغرام وغيره من تآليفه، ولم يعرج على انقراضهم بوجه من الوجوه. وكذلك العلامة أبو العباس أحمد بن علي القلقشندي فإن كلامه في كتاب نهاية الإرب في معرفة قبائل العرب يدل على بقائهم إلى زمنه. وقد عاش إلى سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، ولو كان ما نقل عن الشريف النسابة حقيقة لما خفي على هؤلاء العلماء. ومن ذلك أيضا ما تقدم عن المحب الطبري عن الواحدي أن جبريل عليه السلام قال: ما دام هذا البيت فإن المفتاح والسدانة في أولاد عثمان. ويشهد لذلك اتصال نسب ذريته الموجودين في زماننا الآن. وقول الواحدي بعده وهو اليوم في أيديهم، وعاش الواحدي إلى سنة ست وثمانين وأربعمائة. وقال العلماء أيضا في قوله (ص) في الحديث المتقدم: خالدة تالدة أشار به إلى بقاء عقبهم. وأما ما ذكره الأزرقي من إخدام سيدنا معاوية رضي الله عنه الكعبة عبيدا فلا دلالة فيه على انقراض الحجبة لأن خدام الكعبة غير ولاة فتحها كما هو معلوم مقرر إلى زماننا، وكثيرا يقع في كلام الأزرقي والفاكهي ذكر الحجبة، ثم ذكر خدمة الكعبة أو عبيدها مما يدل على التغاير بينهما. وكيف يتوهم انقراضهم في زمان سيدنا معاوية رضي الله عنه والنصوص المتقدمة صريحة في بقائهم بعده بزمن طويل، بل قد ذكر ابن الأثير في كتاب الأنساب أن شيبة بن عثمان بن أبي طلحة عاش إلى أيام يزيد بن معاوية، وكلامه يدل على بقائهم إلى زمانه وقد عاش إلى سنة ثلاثين وستمائة، ولو انقرضوا لنبه على ذلك وإنما نبهت على ذلك وإن كان والحمد لله كالمقطوع به خشية أن يقف من لا
(٥١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 505 506 507 508 509 510 511 512 513 514 515 ... » »»
الفهرست