الدار بن قصي القرشي العبدري، ورده إليه (ص) في يوم فتح مكة. وفي كلام ابن جبير في رحلته وفي كلام الفاسي في عقده ما يقتضي اختلال هذه العادة، ولعل ذلك لتعد من بعض الولاة أو لسبب اقتضى ذلك كما دل عليه كلامهما. وقال الأزرقي في موضع من كتابه:
فخرج عثمان بن طلحة إلى هجرته مع النبي (ص) وأقام ابن عمه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة، فلم يزل يحجب هو وولده وولد أخيه وهب بن عثمان حتى قدم ولد عثمان بن طلحة بن أبي طلحة وولده مسافع بن طلحة بن أبي طلحة من المدينة وكانوا بها دهرا طويلا، فلما قدموا حجبوا مع بني عمهم فولد أبي طلحة جميعا يحجبون انتهى. فهذا الكلام يقتضي أنهم يحجبون جميعا، وكأنه والله أعلم يشير به إلى ما جرت به عادتهم قديما وحديثا أنهم إذا فتحوا البيت جلسوا فيه وإن كان المتولي للفتح منهم هو الأكبر، وإلى أنهم من أهل الحجابة فإن بني شيبة بن عثمان بن أبي طلحة منعوا أولاد عثمان بن طلحة بن أبي طلحة من الحجابة كما نقل ذلك الفاكهي في تاريخ مكة ونصه قال: حدثني عبد الله بن أحمد قال: سمعت بعض المكيين يقول: إن عثمان بن طلحة خرج إلى المدينة مهاجرا ودفع المفتاح إلى ابن عمه شيبة بن عثمان فلم يزل ولد شيبة يحجبون وولد عثمان بالمدينة، فلما كان في خلافة أبي جعفر انتقل ولد عثمان إلى مكة فدفعهم ولد شيبة عن الحجابة فركبوا إلى أبي جعفر فأعلموه، فكتب إلى ابن جريج يسأله فكتب إليه ابن جريج يقول: إن رسول الله (ص) دفع المفتاح إلى عثمان فأدفعه إلى ولده فدفعه إلى ولد عثمان فدفعوا ولد شيبة عن الحجابة فركبوا إلى أبي جعفر فأعلموه أن ابن جريج يشهد أن النبي (ص) قال: خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تالدة لا يظلمكم عليها إلا ظالم. وأن الحجابة إلى ولد أبي طلحة فكتب إلى عامله: إن شهد ابن جريج بذلك فأدخل بني شيبة وولد أبي طلحة في الحجابة، فشهد ابن جريج عند العامل على ذلك فجعل الحجابة لهم كلهم جميعا انتهى. وانظر إذا اختلفوا هل يقضى لهم بما جرت به عادتهم من تقديم الأكبر فالأكبر أم لا؟ وربما كان الأكبر غير مرضي الحال، لم أر. في ذلك نصا لاحد من العلماء.
قلت: والظاهر أنه يقضى لهم بذلك وإن كان الأكبر غير مرضي الحال فيجعل معه مشرفا، أما القضاء لهم بما جرت به عادتهم فتشهد له مسائل من ذلك ما ذكره ابن بطال في مقنعه ونقله عنه ابن فرحون أنه إذا جرت عادة ولاة الوقف على أمر في ترتيبه ولم يوجد له كتاب وقف أنهم يحملون على عادتهم.، ومن ذلك ما ذكره ابن رشد في المقدمات فيمن حفر بئرا في صحراء أنه أحق بها حتى تروى ماشيته قال: ولا تباع ولا تورث على وجه الملك إلا أن الورثة يتنزلون منزلة مورثهم في التبدئة. قال: فإن تشاح أهل البئر في التبدئة فقد قال ابن الماجشون: إن كانت لهم سنة من تقديم ذي المال الكثير أو قوم على قوم أو كبير على صغير حملوا عليها وإلا استهموا انتهى. ولا شك أن القضاء بالعرف والعادة أمر معمول به في