الخلاف في جواز دخول مكة حلالا، ونادر السعي يختلف فيه هل يسقط نذره أو يأتي بعمرة لأن السعي ليس بقربة بانفراده فيصحح نذره بحسب الامكان، وإن نذر صلاة فريضة أو نافلة أتى مكة ووفى بنذره، وهذا قول مالك. وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يأتي للنفل فإن نوى الوصول خاصة وهو يرى أن ذلك قربة لم يكن عليه شئ، وإن كان عالما أنه لا قربة فيه كان نذره معصية فيستحب له أن يأتي بذلك المشي في حج أو عمرة، فإن لم تكن له نية مشى في حج أو عمرة. انتهى مختصرا. وقال الرجراجي: إذا حلف بالمشي إلى مكة ونوى الوصول ويعود ولا نية له في أكثر من ذلك فلا يخلو من وجهين: إما أن يرى أن ذلك قربة وفضيلة فلا شئ عليه لا مشي ولا غيره، أو يكون عالما بأنه لا فضيلة في نذره ووصوله إلى مكة فيكون نذره معصية، وهل يلزم أن يجعل ذلك في حج أو عمرة؟
قولان قائمان من المدونة: أحدهما: أن يجعل ذلك في حج أو عمرة ويلزمه ذلك وجوبا، والثاني: أنه لا شئ عليه ولا يلزمه المشي وهما مبنيان على الخلاف فيمن نذر معصية هل يلزمه أن يعكس نذره في طاعة أم لا انتهى.
فروع: الأول: قال الشيخ يوسف بن عمر في شرح الرسالة: قال أبو الوليد بن رشد: وإنما يلزمه المشي إذا وجد الاستطاعة فإذا لم يجد فلا يجب عليه المشي وإنما يلزمه نية المشي إذا وجد التمكن من ذلك.
الثاني: قال في الذخيرة: قال ابن يونس: وإحرامه من الميقات لا من موضعه انتهى.
الثالث: قال اللخمي: واختلف في مشي المناسك إذا نذر الحج فقال مالك: يمشي المناسك. وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يركبها. ورجع مالك مرة لمثل ذلك فقال في كتاب محمد: إن جهل فركب المناسك ومشى ذلك قابلا فلا هدي عليه. قال محمد: ولم يره بمنزلة من عجز في الطريق. قال ابن القاسم: ذلك فيما ظننت لأن بعض الناس رأى أن مشيه الأول يجزئه وأرخص في الركوب إلى عرفة. قال الشيخ: وهذا هو الأصل لأن الناذر إنما قال: علي المشي إلى مكة فجعل غاية مشيه إلى مكة فلم يلزمه أكثر من ذلك ولو كانت نيته الحج. ولو قال رجل: علي المشي إلى مصر في حج لم يكن عليه أن يمشي إلا إلى مصر لم يركب ويحج.
فكذلك قوله: على المشي إلى مكة في حج يمشي إلى مكة ويركب فيما سواها إلا أن ينوي مشي المناسك. وقول ابن حبيب: يمشي لرمي الجمار وإن كان قد أفاض فلعادة، فإن لم تكن كان له أن يركب انتهى. وهذا الذي ذكره ظاهر إذا قال: علي المشي إلى مكة أو قال: علي المشي إلى مكة في حج، وأما إذا قال: علي الحج ماشيا فالظاهر لزوم مشيه الجميع والله أعلم.
الرابع: قال القرطبي في شرح مسلم: فلو قال علي المشي إلى مسجد من المساجد الثلاثة لم يلزمه المشي عند ابن القاسم بل اللازم له المضي إليها. وقال ابن وهب: يلزمه المشي وهو