رسول الله (ص). وأعظم مالك أن يشرك معهم غيرهم. قال المحب الطبري: قلت: ولا يبعد أن يقال هذا إذا حافظوا على حرمته ولازموا في خدمته الأدب، أما إذا لم يحفظوا حرمته فلا يبعد أن يجعل عليهم مشرف يمنعهم من هتك حرمته، وربما تعلق العنين الرأي المعكوس الفهم بقوله (ص): وكلوا بالمعروف فاستباح أخذ الأجرة على دخول البيت، ولا خلاف بين الأمة في تحريم ذلك وأنه من أشنع البدع وأقبح الفواحش. وهذه اللفظة إن صحت فيستدل بها على إقامة الحرمة لأن أخذ الأجرة ليس من المعروف وإنما الإشارة - والله أعلم - إلى ما يقصدون به من البر والصلة على وجه التبرر فلهم أخذه وذلك أكل بالمعروف لا محالة، أو إلى ما يأخذونه من بيت المال على ما يتولونه من خدمته والقيام بمصالحه فلا يحل لهم منه إلا قدر ما يستحقونه انتهى. ونقل القاضي تقي الدين الفاسي المالكي في شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام في الباب الثامن منه كلام المحب الطبري مختصرا.
قلت: وما ذكره المحب الطبري من أنهم يمنعون من هتك حرمته هو الحق الذي لا شك فيه لا كما يعتقده بعض الجهلة من أنه لا ولاية لاحد عليهم وأنهم يفعلون في البيت الشريف ما شاؤوا فإن هذا لا يقوله أحد من المسلمين، وإنما المحرم نزع المفتاح منهم، وأما إجراء الأحكام الشرعية عليهم ومنعهم من كل ما فيه انتهاك لحرمة البيت أو قلة أدب فهذا واجب لا يخالف فيه أحد من المسلمين، وما ذكره من تحريم أخذ الأجرة على فتح البيت ظاهر أيضا لا شك فيه، ووجهه أن أخذ الأجرة إنما يجوز على ما يختص الانسان بمنفعته والانتفاع به، والبيت لا يختص به أحد دون أحد، فلا يجوز لهم أخذ الأجرة على فتحه وإنما لهم الولاية على فتحه وإغلاقه في الأوقات التي جرت العادة بفتحه فيها، ولا يجوز لهم إغلاقه ومنع الناس منه دائما والله أعلم.
تنبيه: والظاهر أن حكم فتح المقام وأخذ الأجرة عليه كذلك ولم أقف لاحد في ذلك على كلام والله أعلم.
مسألة: جرت عادة الشيبيين في زماننا وقبله بمدة طويلة بتقديم الأكبر منهم فالأكبر في السن في كون المفتاح عنده، بل الظاهر أن ذلك كان من أول الاسلام إن النبي (ص) دفع المفتاح إلى عثمان بن طلحة مع وجود ابن عمه شيبة بن عثمان كما تقدم. وتقدم أيضا أنه لما مات عثمان ولي شيبة المفتاح، بل الظاهر أن ذلك كان شأن ولاة البيت في الجاهلية. قال ابن إسحاق في السيرة النبوية. فوليت خزاعة البيت يتوارثون ذلك كابرا عن كابر حتى كان آخرهم خليل بن حبشية الخزاعي والد حبي زوجة قصي الذي ورث منه مفتاح الكعبة على أحد الأقوال المروية، وخلفه عليه أكبر بنيه عبد الدار فكان فيه وفي ولده إلى وقت فتح مكة فأخذه النبي (ص) من عثمان بن طلحة بن أبي طلحة واسمه عبد الله بن عبد العزي بن عثمان بن عبد