أربعين سنة انتهى. والمواحيز بالحاء المهملة النواحي جمع ماحوز. قال في المدونة في كتاب الجهاد: ولا بأس بالطوى من ما حوز إلى ماحوز أن يقول لصاحبه: خذ بعثي وآخذ بعثك. قال أبو الحسن: قوله: ماحوز إلى ماحوز أي من ناحية إلى ناحية. قال عبد الحق: والطوى المبادلة انتهى. وجدة هي الآن ساحل مكة الأعظم. وعثمان رضي الله عنه أول من جعلها ساحلا بعد أن شاور الناس في ذلك لما سئل في سنة ست وعشرين من الهجرة وكانت الشعبية ساحل مكة قبل ذلك. قال القاضي تقي الدين في تاريخه عن الفاكهي بسنده: قال رسول الله (ص):
مكة رباط وجدة جهاد وعن ابن جريج إني لأرجو أن يكون فضل رباط جدة على سائر المرابط كفضل مكة على سائر البلاد. وعن وضوء بن فخر قال: كنت جالسا مع عباد بن كثير في المسجد الحرام فقلت: الحمد لله الذي جعلنا في أفضل المجالس وأشرفها. قال: وأين أنت عن جدة؟ الصلاة فيها بسبعة عشر ألف ألف صلاة والدرهم فيها بمائة ألف، وأعمالها بقدر ذلك، يغفر للناظر فيها مد بصره. قال: قلت: رحمك الله مما يلي البحر؟ قال: مما يلي البحر.
وعن عبيد الله بن " سعيد قال: جاءنا فرقد السنجي بجدة فقال: إني رجل أقرأ هذه الكتب وإني لأجد فيها مما أنزل الله عز وجل من كتبه جدة أو جديدة يكون بها قتلى وشهداء، لا شهيد يومئذ على وجه الأرض أفضل منهم. وقال بعض أهل مكة: إن الحبشة جاءت جدة في سنة ثلاث وثمانين في مصدرها فوقعوا بأهل جدة فخرج الناس من مكة إلى جدة وأميرهم عبد الله بن محمد بن إبراهيم، فخرج الناس غزاة في البحر واستعمل عليهم عبد الله المذكور عبد الله بن الحارث المخزومي وإبراهيم جد عبد الله هذا هو أخو السفاح، وعبد الله هو ولي مكة للرشيد بن المهدي، وعلى هذا فسنة ثلاث وثمانين المشار إليها في هذا الخبر سنة ثلاث وثمانين ومائة انتهى. فيمكن أن يكون هذا هو النزول الذي ذكره مالك وغيره والله أعلم. وقد صارت جدة في هذه الأيام رباطا لخوف نزول العدو بها خصوصا في أواخر فصل الشتاء وأوائل فصل الربيع عند وصول مراكب الهند، فإن العدو خذلهم الله توصلوا إلى بلاد الهند في أوائل هذا القرن وأواخر الذي قبله، ثم لم يزالوا يستولون عليه حتى استولوا على بلاد كثيرة منه. ثم إنهم خذلهم الله قصدوا إلى جدة في سنة تسعة عشر وتسعمائة ووصلوا إلى ساحل يسمى كمران من سواحل اليمن بالقرب من جدة واشتد ذلك على المسلمين ونزل الناس إلى جدة، ثم إنهم خذلهم الله رجعوا من كمران بعد أن نزلوا فيها وبنوا بها حصنا لوخم أرسله الله عليهم، ثم جاؤوا في سنة ثلاث وعشرين ونزلوا بساحل جدة في ثمانية وعشرين قطعة بين غراب وبرشة وكان ذلك في عشية يوم الجمعة سادس عشر من ربيع الأول أو خامس عشرينه وحصل للناس وجل عظيم وأيقنوا بالأخذ، ونزل الناس إلى جدة وأتوا إليها من المدينة المشرفة وغيرها لكن أهل المدينة لم يصلوا إلا بعد أن رد الله الذين كفروا بغيظهم، وكان اجتمع بجدة قبل وصولهم خلق كثير لأن الناس سمعوا بهم قبل وصولهم بمدة وحصن الناس جدة بالمدافع. ثم إن الله