شئ عليه، وإن توانت قدر ما لو أرادت أن تأخذها وتحوزها دونها فعلت فهو حانث. ابن رشد:
مثل هذا حكى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وهو صحيح على المشهور من المذهب من حمل الايمان على المقاصد التي تظهر من الحالفين وإن خالف في مقتضى ألفاظهم، لأن الحالف في المسألة لم يرد إلا أن تأكلها وهي على حالها مستمرة مساغة لا على أنها مأكولة تعاف. وقد روى أبو زيد عن ابن الماجشون أنها إن استخرجت من بطن الهرة صحيحة كما هي بحدثان ما بلعتها من قبل أن يتحلل في جوفها شئ منها فأكلتها فلا حنث عليه. وهذا يأتي على مراعاة ما يقتضيه اللفظ وهو أصل مختلف فيه انتهى. فلم يذكر قولا بالحنث إذا لم تتوان بل الخلاف إنما هو مع التواني، فابن القاسم يحنثه بذلك، وابن الماجشون لا يحنثه وهذا هو الجاري على الأصل المعلوم من المحلوف عليه إذا منع منه مانع عقل لا يحنث بفواته كما قال في المدونة في مسألة الحمامات. وقد ذكر أبو الحسن في التفريع على مسألة الحمامات قال: وانظر لو حلف لرجل على قطعة لحم فانتهبتها هرة، فإن أكلتها لحينها لم يحنث، وإن دخلت بها في غار حيث لا يقدر عليها كانت كمسألة السارق فيحنث اه. وقد ذكر الرجراجي أيضا في آخر كتاب الايمان خطف الهرة وشق جوفها، وذكر قول ابن القاسم ولم يذكر قولا بالحنث إذا لم يتوان، فعلم من هذا أنها ان لم تتوان لا حنث عليه ولو لم يشق جوف الهرة ويخرجها، والعجب من الشارح كيف إن لم اعترض على المصنف هنا وذكر القولين في شامله.
فرع: قال ابن عبد السلام: وفي المجموعة عن ابن دينار وأشهب في الحالف ليشترين لزوجته بهذا الدينار ثوبا فخرج به لذلك فسقط منه، فإن كان أراد بالدينار بعينه فقد حنث، وإن أراد الشراء به وبغيره فليشتر بغيره ولا يحنث انتهى.
مسألة: قال صاحب القبس في كتاب الصلاة منه: حلف شخص بالبيت المقدس لا لعبت معك شطرنجا إلا هذا الدست، فجاء رجل فخبط عليهم ذلك الدست قال: اختلف فتاوى الفقهاء فيه حينئذ، فأفتى بعض الشافعية بعدم حنثه، وأفتى غيرهم بحنثه، واجتمعت بعد ذلك بالطرطوشي فأفتى بعدم الحنث. انتهى من الذخيرة والله أعلم.