تنبيه: تقدم في باب اليمين عند قول المصنف بذكر اسم الله في اليمين هل تنعقد بإنشاء كلام النفس وحده أو لا بد من اللفظ، وتقدم ما في ذلك من الخلاف، وانظر أيضا هل ينعقد النذر بالكلام النفسي وحده أو لا ينعقد أو يدخله الخلاف كما في اليمين. قال القرافي في كتاب الأحكام في تمييز الفتاوى من الاحكام في الفرق بين النذر والحكم: السؤال الثالث والعشرون: فإذا قلتم: إن حكم الحاكم إنشاء في النفس والنذر أيضا إنشاء حكم لم يكن متقررا فقد استويا في الانشاء وإن كليهما متعلق يجري دون شرع عام، فهل بينهما فرق أو هما سواء؟ وجوابه أنهما وإن استويا في الانشاء فبينهما فروق: أحدهما: أن العمدة الكبرى في النذر اللفظ فإنه السبب الشرعي الناقل لذلك المندوب المنذور إلى الوجوب كما أن سبب حكم الحاكم إنما هو الحجة وسبب حكم الحاكم يستقل دون نطق، والقول الواقع بعد ذلك إنما هو إخبار بما حكم به وأمر بالتحمل عنه الشهادة في ذلك انتهى. وقال الحفيد بن رشد في بداية المجتهد: واتفقوا على لزوم النذر المطلق في القرب إلا ما حكي عن بعض أصحاب الشافعي أن النذر المطلق لا يجوز، وإنما اتفقوا على لزوم النذر المطلق إذا كان على وجه الرضا لا على وجه اللجاج. وصرح فيه بلفظ النذر لا إذا لم يصرح. والسبب في اختلافهم في التصريح بلفظ النذر في النذر المطلق هو اختلافهم، هل يجب النذر بالنية واللفظ معا أو بالنية فقط؟ فمن قال بهما معا قال: إذا قال لله علي كذا كذا ولم يقل نذرا لم يلزمه شئ لأنه إخبار بوجوب شئ لم يوجبه الله عليه إلا أن يصرح بجهة الوجوب. ومن قال: ليس من شرطه اللفظ قال: ينعقد النذر وإن لم يصرح بلفظه وهو مذهب مالك أعني أنه إذا لم يصرح بلفظ النذر أنه يلزمه وإن كان من مذهبه أن النذر لا يلزم إلا بالنية واللفظ لكن رأى أن حذف لفظ النذر من القول غير معتبر وإن كان المقصود من الأقاويل التي مخرجها مخرج النذر وإن لم يصرح فيها بلفظ النذر.
وهذا مذهب الجمهور والأول مذهب سعيد بن المسيب انتهى. ونقله الجزولي في شرح قول الرسالة. ومن قال: إن فعلت كذا بلفظ قال الحفيد: اختلفوا إذا لم يلفظ بالنذر، هل يلزم أم لا؟
إلا أنه يلزمه على اختلافهم هل يلزمه بالنية أو بلفظ النذر. مالك: يلزمه بالنذر. وقيل: لا يلزمه إلا إذا لفظ به. ثم قال الشيخ: قال ابن فرس: اختلفوا فيه على قولين. المشهور أنه يلزمه. وقيل:
لا يلزمه إلا إذا لفظ بالنذر انتهى. والظاهر المتبادر أن حكمه حكم اليمين ويؤخذ ذلك من قول المصنف في باب الاعتكاف لا النهار فقط فباللفظ فتأمله والله أعلم. ص: (ولو قال إلا أن يبدو لي أو أرى خيرا منه) ش: في بعض النسخ: ولو قال: وفي بعضها وإن وهي الأحسن