قوله تعالى: * (وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما) * وهذا يسمى محرما حتى يفيض لأن طواف الإفاضة أحد أركان الحج وفرائضه فلا يذهب عنه تسمية المحرم حتى يفعله انتهى. وبدليل أنه ممنوع من الوطئ ومقدماته والصيد، ولو اقتصر على قوله يوجب حرمة مقدمات الوطئ والصيد لدخل ذلك، ولا يرد إحرام الصلاة لأنه لا يمنع الصيد، ولا يرد منع من كان في المسجد الحرام من مقدمات الوطئ والصيد لأن كونه فيه ليس صفة حكمية فليس داخلا في المحدود، ولا يقال حده غير مانع لدخول من حلف يمينا بترك مقدمات الوطئ وما ذكره معها فيه لأنا نقول ليست اليمين تمنع من فعل المحلوف عليه وتقضي تحريم الحلال إنما توجب الكفارة بالفعل فقط والله أعلم. وما ذكره ابن عرفة عن الشيخ تقي الدين وشيخه ذكره ابن عبد السلام، وذكر عن الشيخ تقي الدين أن الشيخ عز الدين كان يحرم على تعيين فعل تتعلق به النية في الابتداء، ولفظ ابن عبد السلام في الايراد الذي ذكره ابن عرفة لو قال المؤلف هو الدخول لقيل له الدخول حقيقة مركبة، فيلزم أن تكون أجزاؤها واجبة لأن جزء الواجب واجب وليس من هذه الاجزاء بواجب إلا النية فيلزم أن تكون هي الاحرام، لأن ما قارنها من تلبية وسير ليسا بركنين، وهو الوجه الأول من اعتراض الشيخ عز الدين لكن فيه نظر لأنا نمنع أن النية شرط. فإن قال حقيقة الشرط منطبقة عليها لأنه يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده الوجود وكذلك النية. قلنا: لا نسلم أن ما ذكره حقيقة الشرط بل لا بد من زيادة وليس بداخل في الماهية أو ما يقوم مقام هذا اللفظ وإلا فركن الماهية وجزء علتها يشاركان الشرط فيما ذكرت فلا يكون حد الشرط مانعا انتهى. وعرفه المصنف في مناسكه بأنه الدخول بالنية في أحد النسكين مع قول متعلق به كالتلبية أو فعل كالتوجه على الطريق انتهى. ويرد عليه ما تقدم وأنه غير شامل لمن أحرم بالنسكين أو مطلقا أو كإحرام زيد والله أعلم. وقال ابن الحاج: الاحرام هو الدخول في التحريم وهو أن يعتقد الانسان الحج أو العمرة بنية ويلتزم بخالص معتقده تحريم الأشياء التي ينافيها الاحرام عن نفسه ما دام محرما انتهى. ويرد عليه أيضا ما تقدم. وعرفه ابن العربي بأنه النية، وعرفه ابن طلحة بأنه إخلاص النية. وبحث ابن عرفة في تعريف من عرفه بأنه الدخول وأطال، واعتراضه على ابن عرفة بذلك غير ظاهر لأن الاحرام في لسان الفقهاء يطلق على معنيين: أحدهما الصفة المقتضية لحرمة الأمور المذكورة أعني الصفة التي ذكرها وهو بذلك غير النية والتوجه والدخول وجميع ما تقدم وهو المراد بقولهم ينعقد الاحرام بكذا ويمنع الاحرام من كذا، والمعنى الثاني الدخول بالنية في حرمة أحد النسكين أو كلاهما مع القول أو الفعل المتعلقين به. وبهذا المعنى يصح ان يقال هو النية أو الدخول بالنية وهو المراد بقولهم الاحرام كرن يجب الاتيان به لأن ما ذكر هو الذي يصح التكليف به، وأما الصفة المذكورة فالتكليف بها إنما هو تكليف بما يصلح به وهو ما تقدم، فكان تعريف الجماعة للاحرام الذي هو ركن أولى من تعريق ابن عرفة للصفة الناشئة عنه لأنهم
(٢٠)