أنشأ الاحرام من مكة وطاف وسعى قبل خروجه إلى عرفة، وتقديم الإفاضة على الرمي. والقسم الثالث كترك الاحرام من الميقات لمن يريد دخول مكة ولا يريد النسك، وترك طواف القدوم والسعي بعده نسيانا حتى يخرج لعرفة، وترك المبيت بمنى ليلة يوم عرفة على ما نقله التادلي عن ابن العربي قال: وهو مما انفرد به انتهى. وترك الحلق أو الإفاضة حتى خرجت أيام منى كما نقله التادلي وغيره، وتقديم النحر على الرمي، وتقديم الحلق على النحر، وترك الرمل في الطواف، وترك الخبب في السعي، وتفريق الظهر من العصر بعرفة كما صرح به ابن فرحون في الباب الخامس.
وأما الدم اللازم لترك الافراد فليس لترك واجب إنما هو حكم اختصت به هذه الصفات، ألا ترى أن من يقول إن التمتع والقران مقدم على الافراد يقول بلزوم الدم فتأمله والله أعلم. والقسم الثالث من أفعال الحج وهو ما يطلب بالاتيان به فإن تركه فلا دم ولا إثم وهو كثير. وأكثره مستحبات كالغسل للاحرام والركوع له، ومقارنة التلبية نية الاحرام وذلك عند توجهه واستوائه على الراحلة إلا بالمسجد الحرام كما سيأتي، وتكرار التلبية عند كل شرف وصعود وهبوط، وأن يسمع بها نفسه ومن يليه، وأن تسمع بها المرأة نفسها، والغسل لدخول مكة والدخول من أعلاها، وقطع التلبية إذا دخلها، والمبادرة للمسجد عند دخوله، والدخول من باب بني شيبة، وتقبيل الحجر أول مرة ثم تقبيله في غير الأولى، واستلام الركن اليماني والاقبال على الذكر والدعاء، وتقبيل الحجر عند الخروج للسعي، والخروج للسعي عقب فراغه من الطواف من باب الصفا أو غيره، والصعود على الصفا والمروة إلى أعلاهما إن أمكن، والتوجه عليهما للقبلة، والسعي متطهرا، والخروج إلى منى يوم التروية قدر ما يصلي بها الظهر، والغسل للوقوف والوقوف راكبا وإن لم يجد ما يركب فعلى قدميه، والابتهال بالدعاء والذكر والدفع مع الامام بعد الغروب والاتيان إلى المزدلفة من طريق المازمين، والاسراع في بطن محسر، والدفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس، ورميه العقبة حين وصوله على هيئته من ركوب أو مشي، والوقوف عند الجمرتين للدعاء والتكبير مع كل حصاة، وتتابع الرمي ولقط الحصاة لا كسرها وإيقاع الرمي قبل صلاة الظهر بعد الزوال في أيام التشريق والمشي في رمي الجمار في الأيام الثلاثة، والجهر بالتكبير في أيام التشريق وقتا بعد وقت، والنزول بالأبطح، وطواف الوداع، والاحرام بالحج في أشهره وفي ميقاته المكاني وسوق الهدي فيه، والاحرام في البياض وإيقاع أعماله كلها بطهارة، وإيقاع ركوع الطواف خلف المقام، وسيأتي الكلام عليها مفصلا إن شاء الله تعالى. وقد استوفينا الكلام على جميع ما ذكرناه في كتابنا المسمى هداية السالك المحتاج إلى بيان أفعال المعتمر والحاج فمن أراد الشفاء في ذلك فعليه به والله أعلم. وقسم ابن الحاجب أفعال الحج إلى ما تقدم وإلى المحظور المفسد والمحظور المنجبر. فاعترض عليه ابن عبد السلام وغيره بأن تقسيم أفعال الحج إلى المحظور المفسد والمنجبر غير صحيح، لأنه لا يصح أن يضاف إليه إلا ما كان مشروعا فيه وما عداه فيعد من الموانع كما يفعل في غيره من العبادات. ألا ترى أن الأفعال المفسدة للصلاة لا يصح أن يقال فيها إنها من أفعالها انتهى. واعتذر