ابن راشد عنه بأنه قصد أن يبين ما يصدر من الحاج وأضاف المحظورات إلى الحج لكونها واقعة فيه، والإضافة تكفي فيها أدنى ملابسة. وحينئذ يقال الفعل الصادر من الحاج إما مطلوب الفعل والترك. والأول قسمان: واجب وغيره. والواجب قسمان: ركن وغيره ومطلوب الترك مفسد ومنجبر انتهى من التوضيح. ولذلك لم يعد في أفعال الحج ترك اللباس والحلاق والوطئ وإزالة الوسخ وشبه ذلك لأنها ممنوعات. وتقسيمه ليس بشامل لما يصدر من الحاج لأنه بقي عليه الأمور المكروهة ويأتي ذكرها إن شاء الله تعالى، وكذلك المحظورات أيضا. وعلم مما قدمناه من كلام المؤلف أن أركان العمرة ثلاثة: الاحرام والطواف والسعي. أما الاحرام فمتفق عليه عند المالكية والشافعية والحنابلة وعند الحنفية فيه الخلا ف المتقدم، وأما الطواف فاتفق على ركنيته الأئمة الأربعة، وأما السعي ففيه ما تقدم. قال في الطراز: وجملة ذلك أن السعي ركن من أركان الحج لا يتحلل من إحرامه إلا به وكذلك في العمرة ولا يحزي عنه دم وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: هو واجب وليس بركن ويكون عنه الدم. وهذه رواية ابن القصار عن القاضي إسماعيل عن مالك، وقاله الثوري وإسحاق واختلف فيه قول ابن حنبل انتهى. ويأتي فيها الكلام المتقدم على النية وكذلك التلبية وزاد الشافعي الحلاق والله أعلم. والاحرام مصدر أحرم إذا دخل الحرم أو إذا دخل في حرمة الحج أو العمرة أو الصلاة كما يقال أنجد وأتهم وأمسى وأصبح إذا دخل نجدا وتهامة والمساء والصباح ولذلك يتناول قوله تعالى: * (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) * الفريقين انتهى من أول الباب الخامس من الذخيرة. وقال في قتل الصيد: الأصل فيه قوله تعالى: * (لا تقتلوا الصيد) * الآية. والحرم جمع محرم والمحرم من دخل الحرم أو في الحرمات فتتناول الآية السببين ومنه قول الشاعر:
قتلوا ابن عفان الخليفة محرما فدعى فلم أر مثله مظلوما أي في حرم المدينة والشهر الحرام وهو ذو الحجة انتهى. قال التادلي: وفيه درك من وجهين: الأول أن محرما ليس بمفرد حرم إنما مفرده حرام الثاني أن حرما مطلق لا يتناول إلا أحد المعنيين على البدل لا على الجمع. ثم ذكر عن الباجي أنه قال: الحرم جمع حرام. يقال أحرم فهو محرم وحرام إذا أتى الحرم، أو أحرم بحج أو عمرة وذكر البيت ثم قال: يريد في حرم المدينة. ولا خلاف أنه لم يكن محرما بنسك فتحمل الآية من كان في الحرم أو أحرم بحج أو عمرة انتهى.
والوجه الأول ظاهر، وأما الثاني فما ذكره القرافي مبني على جواز استعمال المشترك في معنييه، ومذهب المالكية جوازه إذا كانت قرينة دالة على ذلك، وإن لم تكن قرينة تحمله فيكون مجملا لا دلالة فيه، والدليل هنا سياق الآية. ويقال أيضا في اللغة أحرم إذا دخل في ذمة وحرمة لا تنتهك، ويقال أيضا إذا دخل في الشهر الحرام. ذكره في الصحاح وأنشد عليه البيت المتقدم. والحرم بضم الحاء وسكون الراء والتحريم أيضا الاحرام وفي الحديث كنت أطيبه لحله وحرمه والحرمة ما لا يحل انتهاكه وكذا الحرمة بضم الراء وفتحها. والأشهر الحرم أربعة معروفة كانت العرب لا تستحل