مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٤ - الصفحة ١٦
بتركها أم لا، وإن أرادوا بالوجوب وجوب الدم فالامر محتمل انتهى. وقد تقدم النص بالتأثيم فظهر إطلاق الوجوب عليها وهذا أيضا ظاهر كلام صاحب الجواهر حيث قال في أوائل الباب الخامس في المقاصد من كتاب الحج.
تنبيه: اصطلاح المذهب أن الفرض والواجب سواء إلا في الحج فقد خصص ابن الجلاب وغيره اسم الفرض بما لا يجبر بالدم فقال: فروض الحج أربعة، وليس المراد الواجبات لأن كل ما يجبر بالدم واجب كما خصص في كتاب الصلاة في السهو السنة بما يجبر بالسجود فجعلها خمسة مع أن سنن الصلاة قد عدها صاحب المقدمات ثمانية عشر وقال: يسجد منها الثمانية فليعلم ذلك انتهى. وكذلك قال الشيخ حلولو في شرح جمع الجوامع: الفرض والواجب مترادفان. قال: وفرق بينهما بعض أصحابنا في كتاب الحج انتهى. لكن قد علم أن تفريق أصحابنا بينهما ليس كتفريق أصحاب أبي حنيفة أن الفرض ما ثبت بقطعي والواجب بظني، بل التفريق بينهما بزيادة التأكيد. قال ابن عبد السلام: وإيجاب أهل المذهب الدم في ترك هذه الأفعال كما أوجبوا السجود في بعض سنن الصلاة وذلك في الصلاة أظهر منها لكثرة الأحاديث المتضمنة لسجود السهو، والهدي إنما جاء في التمتع خاصة فيما نعلمه وفي إلحاق هذه الصور وفيه نظر انتهى. وليس الموجب للدم في هذه الصور القياس فقط بل قوله عليه السلام من ترك نسكا فعليه دم ذكره في الطراز والله أعلم. وهذا القسم على ثلاثة أقسام: قسم متفق على وجو ب الدم فيه، وقسم مختلف فيه والمشهور الوجوب، وقسم مختلف فيه والمشهور عدم الوجوب. فالأول كترك الاحرام من الميقات لمريد النسك، وترك التلبية بالكلية، وترك ركعتي الطواف حتى يرجع إلى بلده، وترك الجمار كلها أو حصاة منها حتى مضت أيام الرمي، وترك المبيت بمنى ليلة كاملة من أيام الرمي، وترك الحلاق حتى يرجع إلى بلده أو يطول لغير عذر أو لوجع برأسه لكن لا إثم مع العذر، وتأخير طواف الإفاضة أو السعي أو هما معا إلى المحرم، وترك البداءة بالحجر الأسود في الطواف ثم لم يعده حتى رجع إلى بلده، والرفع من عرفة نهارا قبل الامام ولم يخرج منها إلا بعد الغروب، والتفريق بين الطواف والسعي بالزمن الطويل ثم لم يعاوده حتى رجع إلى بلده. والقسم الثاني كترك التلبية في أول الاحرام حتى يطول أو فعلها في أول الاحرام ثم تركها على ما شهره ابن عرفة، وظاهر كلام المؤلف عدم وجوب الدم في هذا. وكترك طواف القدوم لغير المراهق، وترك السعي بعده وتركهما معها كترك أحدهما من ذي الجمار إلى وقت القضاء ولو كان لمرض به ولو رمى عنه غيره ولكن لا يأثم حينئذ، وكترك المشي في الطواف للقادر ثم لم يعده أيضا، وترك المشي في السعي لقادر ثم لم يعده أيضا، وكترك الوقوف بعرفة مع الامام نهارا للمتمكن، وتأخير شئ من الجمار إلى وقت القضاء ولو كان لمرض به ولو رمى عنه غيره ولكن لا يأثم حينئذ، وترك المبيت بمنى جل ليلة من ليالي الرمي، وترك النزول بمزدلفة ليلة النحر، وترك السعي في حق من
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست