مناسكه. وقال فيها أيضا بعده: وتنفذ الوصية بالحج على المشهور والشاذ لا تنفذ. وعلى المشهور فهل يكون الحج على وجه النيابة عن الميت وعليه نزلت رواية ابن القاسم في المدونة لأنه قال: لا يحج عنه صرورة ولا من فيه عقد حرية فاعتبار المباشرة للحج يدل أنه على وجه النيابة. وقيل: لا تصح النيابة في ذلك وإنما للمحجوج عنه أجر النفقة، وإن تطوع عنه أحد فله أجر الدعاء انتهى. ويشهد لما قاله من أن ثواب الحج للحاج ما قاله سند في شرح أول مسألة من باب النيابة قال أبو حنيفة: يلزم المعضوب الغني أن يستأجر من يحج عنه ويلزم الأجير أن ينوي حجة الاسلام عن المعضوب ثم يقع الحج للأجير تطوعا دون المعضوب، وإنما له ثواب النفقة في إنفاق الأجير وتسهيل الطريق وهذا قريب من قول مالك انتهى. وإنما قال قريب لأن مالكا لا يقول يجب عليه الاستئجار والله أعلم. ونقله عنه التادلي في أول باب النيابة ونقله ابن فرحون في مناسكه، وقال سند بعد كلامه السابق بنحو الورقة: والحج في الحقيقة منفعة لفاعله لأنه سعيه. وقال الله تعالى * (وأن ليس للانسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى) * فهو يرى سعيه ويجازيه أوفى جزاء وإنما للمستنيب بقصد استنابته وإعانته وسعيه في ذلك انتهى. والله أعلم. والمعضوب قال ابن جماعة في مناسكه: بعين مهملة وضاد معجمة من العضب وهو القطع كأنه قطع عن كمال الحركة والتصرف. ويقال بالصاد المهملة كأنه ضرب على عصبه فانقطعت أعضاؤه انتهى.
فرع: قال في المدونة: ومن حج عن ميت فالنية تجزيه وإن لم يقل لبيك عن فلان انتهى.
قال سند: مقصوده أن الحج ينعقد عن الغير بمجرد النية كما ينعقد عن المحرم بمجرد النية والله أعلم. ص: (وركنها الاحرام) ش: لما فرغ من الكلام على حكم الحج والعمرة وشرط صحتهما وشروط وجوب الحج وما انجر إليه الكلام في ذلك من بيان حكم الإجارة عليه وكان ذلك كله كالمقدمات، شرع يتكلم على المقاصد وهي الأركان. ولما كانت العمرة تشارك الحج في ثلاثة أركان أعاد الضمير عليها مثنى للاختصار فقال: وركنهما الاحرام. ثم قال: ثم الطواف لهما. ثم قال: ثم السعي ثم ذكر الركن الرابع الذي يختص به الحج وهو الوقوف فقال: وللحج حضور جزء عرفة. فعلم من ذلك أن أركان الحج أربعة: الاحرام وطواف الإفاضة والسعي والوقوف بعرفة. وأركان العمرة ثلاثة، الاحرام والطواف والسعي. فأما الاحرام فحكى الاجماع على ركنيته غير واحد من العلماء إلا أن بعض المتأخرين من الحنفية يقولون: إنه