(وصلى ولو فات) ش: يعني أن من جاء إلى عرفة فذكر صلاة منسية إن اشتغل بها فاته الوقوف بعرفة، وإن ذهب للوقوف لم يمكنه فعل الصلاة. فقال المصنف في التوضيح: المشهور من المذهب تقدم الصلاة لعظم أمرها في الشرع واستحقاقها للوقت بالذكر. وقال محمد: إن كان قريبا من عرفة مضى إليها ووقف، وإن كان بعيدا فيصلي وإن فاته الحج لحصول الشك في إدراك عرفة. وقال ابن عبد الحكم: إن كان من أهل مكة وما حولها فيصلي وإن كان آفاقيا فيمضي لعرفة. وقال اللخمي: تقدم عرفة مطلقا لما في فوات الحج من المشاق. وقال عبد الحميد: يصلي إيماء كالمسايف. انتهى مختصرا.
تنبيهات: الأول: لم أر من شهر القول بتقديم الصلاة مع فرض المسألة في منسية فاتته بل ولا من ذكره وإنما ذكره من فرض المسألة في الحاضرة كما سيأتي في التنبيه الثاني إلا ما يأتي في كلام بعض المتأخرين الذين جمعوا بين نقول المتقدمين، ولم يذكر صاحب الطراز وابن يونس إلا قول ابن المواز وابن عبد الحكم مع أن عبارتهما محتملة لفرض المسألة في المنسية والحاضرة، ولكن ظاهر عبارتهما أنها منسية ولفظهما سواء ونصه: قال ابن المواز: من أتى قرب الفجر وقد نسي صلاة فلو صلاها لطلع الفجر وفاته الحج، فإن كان قريبا من جبال عرفة وقف وصلى، وإن كان بعيدا بدأ بالصلاة وإن فاته الحج. وقال ابن عبد الحكم: إن كان من أهل مكة وما حولها بدأ بالصلاة، وإن كان من أهل الآفاق مشى إلى عرفات فوقف وصلى انتهى.
وذكر اللخمي هذين القولين واختار تقديم الوقوف مطلقا وكذلك صاحب الطراز وسيأتي لفظهما انتهى.
فإن قلت: قد نقل القرافي في الذخيرة تقديم الصلاة مع أنه لم يصرح بفرض المسألة في الصلاة الحاضرة. قلت: إذا تأملت كلامه في الذخيرة لم تجد فيه تعريضا للقول بتقديم الصلاة فإنه قال: ومن أتى قبل الفجر وعليه صلاة إن اشتغل بها طلع الفجر، ثم ذكر قول ابن المواز وابن عبد الحكم واختيار اللخمي ثم قال: قاعدة المضيق في الشرع مقدم على ما وسع في تأخيره وما وسع فيه في زمان محصور كالصلاة مقدم على ما غياه بالعمر كالكفارات وما رتب على تاركه القتل على ما ليس كذلك، فتقدم الصلاة على الحج إجماعا غير أن فضل الصلاة قد عرض هاهنا بالدخول في الحج وما في فواته من المشاق فأمكن أن يلاحظ ذلك انتهى.
فليس في كلامه تعرض للقول بتقديم الصلاة وإنما ذكر أن الصلاة من حيث هي مقدمة على الحج إجماعا للأمور التي ذكرها فتأمله. نعم ذكر في قواعده القول بتقديم الصلاة لكنه