فرحون غير أنه قال في التوضيح: والظاهر قول جل الناس لأن العمرة إنما كانت عليه لأجل الخلل الواقع في الطواف بتقدم الوطئ عليه فأمر أن يأتي بطواف صحيح لا وطئ قبله وهو حاصل في العمرة بخلاف ما إذا لم يطأ. وما قاله صحيح ولا وجه للعمرة إذا لم يحصل وطئ. ويفهم من كلامه في التوضيح أن جل الناس يقولون تجب العمرة إذا وطئ، والذي نقله في المدونة وشروحها ونقله ابن الحاجب عن جل الناس أنه لا عمرة عليه وإن أصاب النساء، وكلام ابن الحاجب يفهم منه أن في المسألة ثلاثة أقوال فإنه قال: ثم يعتمر ويهدي. وقيل: لا عمرة عليه إلا أن يطأ وجل الناس لا عمرة عليه انتهى. والذي يفهم من كلام المصنف في التوضيح أنه إنما ذكر قولين فإنه قال يختلف في طلب العمرة على الجملة، وإنما اختلف هل يؤمر بها على الاطلاق أو بشرط أن يطأ انتهى. والعجب من ابن عرفة رحمه الله في عدم اعتراضه على ابن الحاجب مع كثرة تنبيهه على ما خالف فيه نقل المذهب فتأمله منصفا والله أعلم.
الثاني: هذا الكلام الذي تقدم إنما ذكره في المدونة وشروحها في مسألة من طاف للقدوم على غير وضوء وسعى بعده ولم يعد السعي بعد طواف الإفاضة، ولم يذكروه في مسألة من طاف للإفاضة على غير وضوء إذا لم يتطوع بعده. وقد سوى ابن الحاجب بين المسألتين، فاعترض عليه ابن عبد السلام بأنه لم يحسن سياق المسألتين وأنه خلط إحداهما بالأخرى. وأجاب المصنف عنه في التوضيح بأنه لم ينقل قوله ويرجع حلالا عن المدونة، والظاهر أنه لا فرق بين ما إذا طاف للإفاضة لغير وضوء أو طاف للقدوم بغير وضوء ثم سعى بعده انتهى. قلت: وهو كذلك لأنه قد بقي عليه التحلل الثاني في الصورتين.
الثالث: قال أبو الحسن في شرح قوله وجل الناس يقولون لا عمرة عليه هم سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وعطاء. وقيل: يطوف ويتم حجه ويقضي قابلا وهو قول ابن عمر وابن شهاب انتهى. وقال أبو إسحاق: والأشبه ما قال جل الناس أنه لا عمرة عليه وإنما روى مالك ذلك عن ربيعة وحكى عن ابن عباس ولابن عباس خلافه أنه ينحر بدنة. وقال ابن المسيب والقاسم وعطاء: ليس عليه إلا نحر بدنة انتهى. قلت: والخلاف في هذه المسألة مبني على الخلاف فيمن وطئ بعد رمي جمرة العقبة وقبل الطواف والسعي، فالمشهور من مذهب مالك أن عليه العمرة. قال في الطراز في باب جمرة العقبة: وهو مروي في الموازية عن ابن عباس وربيعة. قال: وروى ابن الجهم عن أبي مصعب عن مالك أن حجه يفسد. قال القاضي أبو محمد: وهو أقيس وهو مروي في الموازية عن ابن عمر والحسن وابن شهاب. وقال أبو حنيفة: إنما عليه الهدي. وهو في الموازية عن ابن المسيب والقاسم وسالم وعطاء وعن ابن عباس أيضا انتهى.
قلت: وبهذا يظهر لك أنه لا وجه للقول بلزوم العمرة مع عدم الوطئ. وعلم من هذا أن المراد بقوله في المدونة جل الناس وقول المصنف الأكثر جل العلماء خارج المذهب والله أعلم.
الرابع: لم يذكر المصنف حكم الهدي، وقد تقدم في الموازية أنه إذا أصاب النساء وجب