للجند جائز إذ لا يلزمهم الخروج معهم فهي أجرة يصرفونها في الكراع والسلاح وهي من وجه تشبه الظلم لأن أصل توظيفها خوف قاطع الطريق انتهى. ونقله ابن جماعة الشافعي في منسكه عن الشيخ أبي بكر وزاد عليه: وقد اتفق على جواز استئجارهم من يخفرهم من الاعراب واللصوص مع تجويز الغرر وقال: إن أجرة الدليل تجب على المكلف فلا يسقط بها الفرض انتهى. وقال البرزلي في أثناء جواب سؤال ابن رشد: ولم يقع خلاف فيما يأخذه الحافظ من اللصوص إذا قل، ووقع الخلاف فيما يأخذه الظالم لأنه لا يؤمن نكثه. والحافظ ليس بظالم فيما يأخذه إن لم يكن مثلهم وإنما هو أجير فوجب أن يؤتمن انتهى. وقوله لأنه لا يؤمن نكثه تعلل لوقوع الخلاف فيه ومراده أنه يجوز أن ينكث لأنه ظالم ليس له دين يمنعه، وأما لو علم نكثه أو شك فيه فقد تقدم أنه لا يجب الحج بلا خلاف. وتحصل من هذا أن أجرة الدليل وما يأخذه الجند ومن يحفظ الحجاج من اللصوص لا يسقط بها الحج والله أعلم. والبذرقة بفتح الموحدة وسكون الذال المعجمة ويقال بالمهملة أيضا وفتح الراء وبعدها قاف ثم هاء تأنيث لفظة عجمية معناها الخفارة. قاله في القاموس ولم يذكرها في الصحاح. وقال النووي في تهذيبه: هي الخفير وهو الذي يحفظ الحجاج ويحرسهم وكأنها تطلق على المعنيين. والخفارة بضم الخاء المعجمة وكسرها وفتحها. حكى ذلك صاحب المحكم ونقله النووي في تهذيبه ولم يحك في الصحاح والنهاية الفتح. واقتصر القاضي عياض في المشارق على الضم وفسرها بالذمة، وكذا صاحب الصحاح وفسرها في النهاية بالذمام وهو بمعنى الذمة، وقال النووي: إنها جعل الخفير والله أعلم.
السادس: قال الشيخ زروق في شرح الوغليسية: قول القائل الحج ساقط عن أهل المغرب قلة أدب وإن كان الامر كذلك والأولى أن يقال الاستطاعة معدومة في المغرب ومن لا استطاعة له لا حج عليه، ورأيت كتابا في الرد على قائل هذه الكلمة ومن قالها من العلماء فقصده التقريب إلى فهم العامة انتهى.
قلت: وقفت على تأليف في الرد على قائل هذه الكلمة للشيخ أحمد بن محمد اللخمي السبتي، ولعله الذي ذكره الشيخ زروق وأوله: سألت أيها الأخ عن قول من قال الحج ساقط عن أهل المغرب وذلك مذكور عن بعض من يعزي إلى الفقه من المتأخرين ويأبى الله والمسلمون سقوط قاعدة من قواعد الاسلام وركن من أركان الدين وعلم من أعلام الشريعة عن مكلف ضمه أفق من آفاق الدنيا أو صقع من أصقاع الأرض، وهذا معلوم في الكتاب والسنة والاجماع وأطال في ذلك وحض في آخر كلامه على أن أمن الطريق الذي هو من أحكام الاستطاعة مفقود عندهم. والصقع بضم الصاد المهملة وسكون القاف الناحية ويقال بالسين، واللفظ المذكور حكاه التادلي عن جماعة فحكى عن المازري أن الشيخ أبا الوليد أفتى بسقوط الحج عن أهل الأندلس، وأن الطرطوشي - بضم الطاء الأول - أفتى بأنه حرام على أهل