المعونة، إذا كان يجحف لم يلزم فاعتبر ما تبلغ مضرته من ذلك إلى حد لا يحتمل. وقال أصحاب أبي حنيفة والشافعي: إذا لم يمكنه المسير إلا بدفع شئ من ماله لم يجب عليه. وقاله من أصحابنا القاضي أبو عبد الله البصري المعروف بعلعل. والذي قاله القاضي يعني في المعونة حسن فلا يسقط عن الموسر بانتقاص دينار من ماله وضرر ذلك يحتمل انتهى. وممن قال بسقوط الحج بغير المجحف أبو عمران الفاسي فإنه أفتى جماعة مشوا معه للحج فطلب منهم أعرابي على كل جمل ثمن درهم بأن يرجعوا فرجعوا ذكره الزناتي في شرح الرسالة، ونقله ابن فرحون والتادلي وغيرهما والله أعلم.
الثالث: قيد المصنف هنا الوجوب بكون الظالم لا ينكث وأطلق ذلك في مناسكه، وما قاله هنا هو المتعين ويحمل كلامه في مناسكه عليه. وقد وقع ذلك في كلام القاضي عبد الوهاب وغيره، واحترز بذلك مما إذا كان الظالم ينكث. قال الشيخ زروق في شرح هذا المحل من المختصر أو جهل حالة، فإنه لا يختلف في سقوط الحج. وسيأتي في كلام البرزلي عن ابن رشد ما يدل على ما ذكره الشيخ زروق. وقد علم من هذا أن قوله على الأظهر راجع إلى قوله ما قل لا إلى قوله لا ينكث إذ لا خلاف في سقوط الحج إذا كان ينكث ولا يؤمن غدره، ونبه على ذلك ابن غازي ولو قدم قوله لا ينكث على قوله ما قل فقال إلا لاخذ ظالم لا ينكث ما قل على الأظهر لكان أبين.
الرابع: قوله على الأظهر يقتضي أن ابن رشد هو الذي استظهر هذا القول الذي رجحه. وقال ابن غازي: لم أجده له في المقدمات ولا في البيان ولا في الأجوبة، ولا عزاه له ابن عرفة ولا المصنف في توضيحه ولا في مناسكه وإنما قال في قول ابن الحاجب: وفي سقوطه بغير المجحف قولان أظهرهما عدم السقوط وهو قول الأبهري واختاره ابن العربي وغيره انتهى.
قلت: رأيت في أوائل مسائل الحج من البرزلي في جواب سؤال عزاه لابن رشد ذكر فيه قولين وصدر بالقول بعدم السقوط ما نصه: والأول أولى إن سأل يسيرا أو علم عدم غدره قياسا على عادم الماء يلزمه شراؤه إن كان يسيرا لا يجحف به، وإن أجحف لم يلزمه شراؤه انتهى. فلعل المصنف وقف على هذا الكلام فأشار إليه. وقال ابن الفرس في أحكام القرآن: هو قول أكثر أصحاب مالك قال: وهو الأظهر وتقدم أنه اختيار ابن العربي وأن ابن عبد السلام مال إليه، وتقدم عزو مقابله. وممن قال به أبو عمران كما تقدم في الجماعة الذين أفتاهم بالرجوع لما طلب منهم ثمن دينار على كل جمل.
الخامس: قال سند: أما ما يأخذه الجند على من بذرقة الحجيج ليدفعوا عنهم كل يد عادية فقال الشيخ أبو بكر بن الوليد: هي من وجه تشبه سائر النفقات اللازمة لأن أخذها